Site icon IMLebanon

سلام يتجاوز الأطر التقليدية لتشكيل الحكومات

 

يجهد الرئيس المكلف نواف سلام في محاولته لتشكيل اول حكومة في العهد الجديد، واول حكومة في مسيرته، كسر الاطر التقليدية التي طبعت تشكيل حكومات العقود الماضية، باستثناء حكومات قليلة ومحددة، وتجاوز موازين القوى التي فرضت سطوتها، تارة بالترهيب، وتارة بالميثاقية وما شابه، وانجاز تشكيل حكومة متماسكة، تعبر ّبالفعل عن طموحات اللبنانيين، للمباشرة بالاصلاحات المطلوبة، والخروج من دوامة الازمات والمشاكل المالية والاقتصادية التي يتخبط بها لبنان، والتغيير نحو الافضل، تماشيا مع وعود وشعارات خطاب القسم الرئاسي، وعبارات خطاب التكليف.

هذا المسار الجديد بتشكيل الحكومات، لا يتماشى مع سلوكيات ومصالح معظم القوى السياسية والطائفية، لانه يتعارض مع استمرار تسلطها على مقدرات الدولة، ويهدد بانحسار نفوذها بالشارع وتقلص سيطرتها المعهودة.

 

ومن الطبيعي ان يواجه الرئيس المكلف في مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، تحديات ومطالب هذه القوى السياسية المتضررة من مسار تغيير الامر الواقع الحالي، وتبادر الى طرح مطالب وشروط تعجيزية، اما لتحقيق اهدافها في الحصول على حصصها الوزارية والحقائب الوازنة التي تنتفع منها، ماديا وسياسيا، او لتعطيل واجهاض كل محاولات الاصلاح والتغيير نحو الافضل.

لذلك، لم يكن مستغربا ان تبادر هذه القوى إلى اعاقة مساعي تشكيل الحكومة، بالاصرار على الحصول على حقيبة وزارية محددة، كوزارة المال مثلا، او اي وزارة وازنة ومؤثرة بالمنافع ومهمة للامساك بالقرار السياسي والسلطوي،او فرض شخصيات محددة للتوزير، وحتى الاستئثار بحصص الطوائف والمذاهب في الحكومة العتيدة، وان تقابل في بعض الأحيان برفض وعدم تجاوب من الرئيس المكلف، تجنبا لاستئثار هذا الطرف او ذاك بالقرار السياسي على حساب الاطراف الاخرين.

تبقى الشكوك والخشية من ان يضطر الرئيس المكلف ان يخرج عن حدود المعايير التي وضعها لتشكيل الحكومة، وان يميز طرفا عن آخر بالحصص الوزارية والحقائب الوازنة، تحت ضغوطات معينة، او استجابة لتمنيات من هنا او هناك، وعندها تسقط وحدة المعايير التي دعا اليها، ويفشل اسلوب تجاوز الاطر التقليدية بتشكيل الحكومات، ويبقى تأليف الحكومة الجديدة على نسق الحكومات السابقة، وفاعليتها محدودة، بالتغيير المحكى عنه، وبالاصلاح المطلوب.