Site icon IMLebanon

هل يُجاري جعجع «التيار» في «مصلحة» سلعاتا؟

 

على الصعيد السياسي المسيحي، لا شكّ أنّ معمل توليد الكهرباء في سلعاتا في البترون، المُزمع إنشاؤه، مُشبك على خطوط كهربائية توترية غير تقنية، تُعلّق عليها مصالح مسيحية مناطقية واستراتيجية، وأهداف انتخابية، وبعضٌ من «الحرتقات» والمناكفات الحزبية، فضلاً عن مكاسب شعبية ومحاولة تسجيل إنجاز يُحتسب هدفاً في مرمى رئاسة الجمهورية، ضمن لعبة بدأت باكراً وستستمرّ الى عام 2022. وفي حين يتمسّك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بإنشاء هذا المعمل، ويُسوّق في «البيئة المسيحية» أنّه يُشكّل مصلحة استراتيجية للمسيحيين، إلّا أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يعتبر أنّ معمل سلعاتا «لا لزوم له».

على رغم من أنّ عون وباسيل تُركا لوحدهما في معركة سلعاتا، إلّا أنهما تمكّنا من دفع حكومة الرئيس حسان دياب الى التراجع عن قرارها بعدم شمول معمل سلعاتا في المرحلة الأولى من تطبيق خطة الكهرباء. هذا الإصرار «العوني» ينطلق من أنّ الخطة تشمل معمل سلعاتا، وسبق لها أن أقرّت بالإجماع في حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة التي كانت تضمّ جميع أفرقاء الحكومة الحالية فضلاً عمّن أصبحوا في ضفة المعارضة. ويؤكد هذا الفريق السياسي، الحاجة التقنية الى سلعاتا، في إطار زيادة ساعات التغذية بالكهرباء وصولاً الى تأمينها 24/24 في كلّ لبنان والإستغناء عن المولدات الكهربائية، فضلاً عن مصلحة استراتيجية للمسيحيين، إذ إنّ هذا المعمل سيمدّ المناطق «المسيحية» بالكهرباء، ويؤمّن الى جانب معمل الذوق اكتفاءً كهربائياً لها.

 

بالنسبة الى معارضة جعجع إنشاء هذا المعمل، تعتبر أوساط «التيار» أنّه يغرّد خارج المصلحتين المسيحية والوطنية، منعاً لتحقيق عون وباسيل هذا الإنجاز، لأنّ رئيس «القوات» لا يضع نصب عينيه إلّا «كرسي الرئاسة». في المقابل، تؤكّد مصادر «القوات» أنّ «مسألة رئاسة الجمهورية غير مطروحة لدى جعجع الآن ومقاربتها لملف الكهرباء غير مرتبطة بأيّ تموضع سياسي، خصوصاً أنّ العهد الحالي يبقى من عمره نحو سنتين ونصف سنة». وما زالت «القوات» تتمنى أن «يستقيم العمل في عهد عون ويُكمل ولايته حتى اليوم الأخير بنجاح، من خلال إحداث الفارق في طريقة إدارة الدولة ومكافحة الهدر والفساد».

 

وتسأل المصادر القواتية: «هل آلية التعيينات في وظائف الفئة الأولى في الدولة التي وصلت اليها «القوات» بعد جهد، من خلال قانون يحمي الكفاية على حساب المحسوبية والزبائنية، هي استهداف لفريق معيّن؟ وماذا عن ملف المعابر غير الشرعية وإثارة موضوع 5300 موظف الذين دخلوا الى ملاك الدولة بطريقة عشوائية؟ وهل الكلام عن فساد في ملف الاتصالات وهيئة «أوجيرو» هو فتح مبكر لمعركة الرئاسة المقبلة؟».

 

وسبق أن شرح عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أنطوان حبشي، الذي يتولّى ملف الكهرباء في «القوات»، مسار هذه الخطة في مؤتمرات صحافية، وأوضح المقاربة «القواتية» لهذا الملف، ومعارضتها استدراج العروض من خارج إدارة المناقصات، وخيار استئجار البواخر الذي كان الخيار الأفضل والمؤقت لـ»التيار الوطني». كذلك، قدّم إخبارات الى القضاء عن الهدر في قطاع الكهرباء.

 

وعن قول البعض إنّ «القوات» تناقض نفسها إذ إنّ وزراءها في الحكومة السابقة صَوّتوا مع خطة الكهرباء، فيما أنّها تنتقدها الآن، يوضح حبشي لـ»الجمهورية» أنّ «القوات» وافقت على هذه الخطة عام 2019، «بعد أن كان لها رأياً بنّاءً في تقديمها عبر فرضها منطق العودة الى دائرة المناقصات في قضايا التلزيمات والتزام دفاتر شروط بنّاءة، وتشكيل هيئة ناظمة للكهرباء ومجلس إدارة جديد في مؤسسة كهرباء لبنان».

 

ويقول حبشي إنّ «القوات» ليست ضدّ منطق الخطة بالمطلق، لكنّها «لم تُنجز في المرة الأولى بسبب إخفاقات الفريق السياسي الذي تولى حقيبة وزارة الطاقة منذ عام 2010، وبالتالي إنّ «القوات» ضدّ منطق الإخفاقات والتجاوزات والتعيينات وعقود التراضي التي تسببت بهدرٍ كبير في المال العام».

 

ويؤكد «أنّ المشكلة ليست في الخطة التي طرحتها وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني، وإنّما في التفاصيل والخفايا التي تحتويها، فلم يعد مقبولاً الكلام عن خطط تضيع في التطبيق وتكلّفنا إفلاس البلاد».

 

وأشار الى أنّه «رغم الإيجابية التي تعاطت بها «القوات» مع الفرصة الثالثة لـ«التيار الوطني الحر» في قطاع الكهرباء، إلّا أنّ الفريق المسؤول عن هذا الملف منذ 10 أعوام بادرَ اللبنانيين بمزيد من الإخفاقات والتنصّل من بنود الخطة والإصلاحات التي من الممكن أن يسير بها الرئيس حسان دياب في الحكومة الحالية».

 

هذا الملف الذي يُشكّل 60 في المئة من عجز الدولة، لن تتخلى «القوات» عن متابعته، ولا تربطه إلّا بـ»مصلحة الدولة واللبنانيين»، وستتابعه تفصيلياً، بعد الخطة الاقتصادية لحكومة دياب، وما تضمنته من وعود كهربائية، تعتبر «القوات» أنّها «لا تختلف في العنوان ولا في التطبيق عن سابقاتها، ومن الضروري أن يعرف الشعب اللبناني ماذا سيكون مصيره للسنوات المقبلة، لأنه كهربائيّاً لن يتغيّر الوضع».

 

ويشير حبشي الى أن «لا هيئة ناظمة للكهرباء حتى الآن، ويبقى حصر المفاوضات مع الشركات الصانعة من مهمات الوزير ولجانه الوزارية من دون العودة الى دائرة المناقصات، وهذا سيأخذنا حكماً الى المهالك المالية والتي لم نعد نتحمّلها».

 

وبالنسبة الى معمل سلعاتا، يقول حبشي: «تفاجأنا بحديث قديم – جديد في مجلس الوزراء عن معملٍ يسعى فريق باسيل الى إنشائه في منطقة سلعاتا، يدّعي هذا الفريق أنّه للمسيحيين، ويربط حقوقهم وحضورهم في إنشاء معمل للكهرباء لا لزوم له»، مشيراً الى أنّ «لبنان لا يحتاج الى 3 محطات تغويز FSRU. فبعد تغيير موقع المعمل 4 مرات، وبعد دراساتهم التي يكثر الكلام في مضامينها، ويكثر الهدر في نتائجها، إذا سرنا بمنطق معمل المسيحيين الكهربائي، فعلى فريق باسيل أن يسعى جاهداً للإستفادة كليّاً من قدرات معمل الذوق الذي يقع أيضاً في منطقة عمقها مسيحي».

 

ويلفت حبشي الى «الكارثة المالية التي حلّت علينا من خلال سوء إدارتهم لمعمل الذوق»، معتبراً أنّ «بحسب منطق «التيار»، فهم فرّطوا في حقوق المسيحيين عبر إخفاقاتهم في معمل الذوق الذي كلّف تأهيله بصفقات مشبوهة بالتراضي ومع الشركة الصانعة أكثر من كلفة بناء معمل جديد، وكلّ ذلك من دون جدوى متناسقة مع الصرف على مستوى نتائج تأمين التيار الكهربائي».

 

في ملف الكهرباء وغيره من الملفات، تعتبر «القوات» أنّه «لم يعد مقبولاً التذرّع بحقوق المسيحيين لإمرار صفقاتهم وتكريس نهجهم في الفساد وهدر المال العام. فقبل أن يقوموا بثورة سلعاتا يجب أن يرقّعوا بِنطال الذوق».