Site icon IMLebanon

لودريان وضع النقاط على حروف طاولة مُشاورات أيلول: الوقت ليس لمصلحتكم «الثنائي» والحلفاء و «التقدمي» و «التيّار» و «الاعتدال» أيّدوا… و «القوات» لديها هواجس وتتريّث 

 

اتى المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان في جولته الثانية، مزودا هذه المرة بتفويض صريح من دول اللقاء الخماسي، على قاعدة الموقف العام الذي صدر في الدوحة، والذي فسرته بعض الاطراف اللبنانية على انه انتصار لموقفها المعارض لاي شكل من اشكال الحوار.

 

والحقيقة ان دعوة اللجنة الخماسية لاتباع الاصول الدستورية، لا يتعارض مع اجراء حوار بين الاطراف للوصول الى الحد الادنى من التوافق، قبل العودة الى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.

 

صحيح ان لودريان تجنب طرح المبادرة الفرنسية الشهيرة، الرامية الى الاتفاق على مبادلة فرنجية برئيس حكومة يسميه الفريق الآخر، الا انه طرح بوضوح الحاجة الى مشاورات مباشرة بين جميع الاطراف، محصورة بالاستحقاق الرئاسي دون غيره، وبروزنامة زمنية محددة قصيرة.

 

وهذا الطرح يراه مصدر نيابي في الثنائي الشيعي» جيدا ويتمشى مع طرحنا ودعوتنا دائمًا للحوار. ونحن من البداية اكدنا على ان دعوتنا محصورة بالملف الرئاسي دون غيره، وكررنا موقفنا هذا مرارا ردا على التشويش والتضليل الذي مارسه البعض».

 

ويضيف المصدر «حسنا لقد استبدلت كلمة حوار بمشاورات، وقيل ايضا بعبارة جلسة عمل، لكن الغاية واحدة هي الجلوس مع بعضنا بعضا للبحث والنقاش، سعيا الى التوصل الى توافق حول هذا الملف الاساسي والمهم. ونعتقد ان ما طرحه لودريان هو كلمة تجميلية للحوار المنشود، مع العلم ان كلمة حوار ليست نافرة اصلا، وانما محببة ومرغوبة الا في قاموس البعض، الذي يمارس حقا سياسة التعطيل ويرمي هذه التهمة على الفريق الاخر».

 

ووفقا للمعلومات، التي لم تعد خافية على احد، فان هذه المشاورات المرجح عقدها في قصر الصنوبر، ستتمحور حول مواصفات الرئيس اولا، ثم على اسم المرشح الرئاسي لدى كل طرف، لمقاربة هذا الموضوع بشكل مباشر، سعيا الى الوصول الى التفاهم او الحد الممكن الذي يساهم في تسهيل انتخاب الرئيس في جلسة انتخاب يدعو اليها الرئيس بري لاحقا وخلال ايلول المقبل.

 

اتى لوريان وطرح هذه المرة ما عنده، في ضوء ما اجراه من مشاورات في الخارج وما جرى في لقاء الدوحة، وصارت الكرة في مرمى الاطراف اللبنانية من جديد. وتقول المعلومات ان المبعوث الفرنسي حذر ككل مرة من تفويت الفرص واطالة امد الفراغ، منبها الى  حصول مزيد من التداعيات، خصوصا على الصعيدين الاقتصادي والمالي. وكان صريحا بالتأكيد ان الوقت ليس لمصلحة الجميع في لبنان، وان على سائر الاطراف اخذ هذا الامر بعين الاعتبار.

 

وتضيف المعلومات ان لودريان تطرق مع بري الى تفاصيل لم يتطرق اليها مع الآخرين، اولا بصفته رئيسا للمجلس، وثانيا لموقعه السياسي المحوري في هذا الاستحقاق.

 

وتقول مصادر مطلعة ان بري ابدى ارتياحه لاجواء اللقاء وما سمعه من لودريان، لذلك تحدث بايجابية عن كوّة في الملف الرئاسي. لكنه كعادته تكتم على فحواها، فانكشف في اليوم الثاني جزء منها يتعلق بدعوة المبعوث الفرنسي الى مشاورات مباشرة بين الاطراف، وهذا ما يتلاقى مع دعوات رئيس المجلس بشكل او بآخر اكثر من مرة. اما الجزء الثاني الذي بقي مستورا فهو ربما متروك لايلول او لنضوج ما يشتغل عليه لودريان.

 

وفي قراءة أولى لنتائج جولة لودريان الثانية، يقول مصدر سياسي ان هناك ملاحظات عديدة ابرزها:

 

1 – ان المبعوث الفرنسي برهن بحنكته خلال مشاوراته في الخارج وفي الدوحة، ان لا مناص من عقد حوار مباشر بين الاطراف بتسميات اخرى لتسهيل الطريق امام انتخاب الرئيس.

 

2 – تجاوزت باريس قبل وبعد لقاء الدوحة طرح مبادرتها المعروفة الاولى، لكنها نجحت من خلال لودريان في فرض فكرة المشاورات الحوارية الجامعة والمباشرة محصورة بالملف الرئاسي ولفترة قصيرة محددة. واخذت تفويضا من اللجنة الخماسية بسلوك هذا المسار.

 

3 – رحبت غالبية كبيرة من الاطراف اللبنانية بما طرحه لودريان وهي: ثنائي «امل» وحزب الله و»المردة» وكتلة «الوفاق» وحلفاء آخرين، كذلك «اللقاء الديموقراطي» الذي عبر رئيسه تيمور جنبلاط مسبقا عن تأييده ودعوة الجميع للحوار، و»اللقاء المستقل» الذي يضم كتلة «الاعتدال «ونائبي بيروت عماد الحوت ونبيل بدر. وابدى «التيار الوطني الحر» موقفا ايجابيا مجددا، استعداده للمشاركة بالمشاورات والحوار المحصور برئيس الجمهورية ومواصفاته اولا.

 

4 – تجنب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اتخاذ موقف فوري من طرح لودريان، ولم يسارع الى رفض الحوار التشاوري، ربما لاجراء حسابات وبحث داخلي ومع الحلفاء في الخارج، بعد ان سادت اجواء ضبابية ونوع من عدم الثقة مع باريس. لكنه بدا غير مرتاح بعد اللقاء، وما زالت لديه الهواجس نفسها، تاركا حسم موقفه لموعد آخر. ومثل هذا الموقف يكاد يكون نموذجا للاطراف التي تدور في فلك «القوات»، اي كتلة «تجدد» وبعض «المستقلين» و»التغييريين». اما حزب «الكتائب» فهو حريص على التمايز عن «القوات» قليلا في هذا الموضع.

 

والسؤال بعد جولة لودريان الثانية، ما هي فرص انتخاب الرئيس في ايلول؟ يقول احد النواب المتابعين للتحرك الفرنسي، ان باريس عازمة على الاستمرار في مسعاها بالتعاون مع الدول الاربع الاخرى في اللقاء الخماسي، لكن لودريان المح الى ان مشاورات ايلول هي الفرصة المهمة امام اللبنانيين من دون الدخول في التفاصيل. ويشير الى ان الخلاف بين هذه الدول هو على كيفية التعاطي مع الاستحقاق والاسماء والمواصفات، وليس على اهمية الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.

 

ووفقا للمعلومات، فان السعودية والولايات المتحدة الاميركية لا يؤيدان مرشحا بعينه، فالرياض ما زالت تحرص على الوقوف على الحياد، وواشنطن تناور ولا تعطي جوابا حاسما. اما مصر وقطر فيميلان لمرشح عير محسوب على فريق من الفريقين، ويفضلان قائد الجيش العماد جوزف عون.

 

ويتوقع ان يكون شهر آب ناشطا على غير صعيد، اكان بالنسبة للحركة الخارجية غير المعلنة، ام بالنسبة للحراك الداخلي، لا سيما الحوار الذي استؤنف بين حزب الله والتيار الوطني الحر في اجواء ايجابية ومشجعة، حسب مصادر الطرفين. وهذا الحوار سيكون له دور مهم في المرحلة التي تسبق ايلول.

 

ويخشى المصدر في الوقت نفسه من خضات اجتماعية، خصوصا في مرحلة ادارة حاكمية مصرف لبنان الجديدة، لكنه يعتقد بان تمرير الاشهر القليلة دون تداعيات سلبية اضافية امر ممكن، ويجري العمل في هذا الاتجاه.

 

من الصعب التكهن من الآن حول نتائج ما يحمله ايلول، لكن هناك كلاما عن ان الادارة الاميركية ربما تدخل مباشرة ايضا على خط التحرك بشان الملف الرئاسي، وان المملكة السعودية قد تنتقل من مرحلة الحياد الايجابي الى مرحلة الفعل الايجابي. ويعول كثيرا على موقفها في هذا الاتجاه نظرا لتأثيرها الفاعل في اطراف لبنانية عديدة.