Site icon IMLebanon

سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية… إلّا إذا

 

 

 

ثمة من يعتقد أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يتأخر دقيقة عن دعوة مجلس النواب للقيام بدوره الدستوري لانتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال عون، بمعنى التزامه «الحرفيّ» بنصّ المادة 73 التي تحدّد المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس وتتضمّن التالي: «قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس». وهذا يعني أنّ أولى جلسات الانتخابات الرئاسية قد تكون في31 آب، أي بعد أقل من ثلاثة أشهر.

 

هذا «الحرص» على عدم تأخير عقارب الساعة الرئاسية، لا ينبع فقط من الحساسية التي طبعت العلاقة الثنائية بين عين التينة والفريق العوني منذ قيام العهد، وإنما من الرغبة في إتمام الاستحقاق بوقته بعدما أفقد الانهيار كامل الطبقة السياسية، ترف الوقت، والأهم من ذلك هو الإتيان برئيس من صلب قوى الثامن من آذار.

 

فصبيحة يوم 16 أيار، مع انتهاء فرز معظم صناديق الاقتراع والدوائر الانتخابية، بدا مشهد الأغلبية النيابية ضبابياً وقد توزّعت ضلوعها الأساسية بين أكثر من محور، ما أدى الى انخفاض أسهم قدرة قوى الثامن من آذار على تكرار تجربة انتخاب رئيس من هذا المحور. ولكن يوم 31 أيار مع إجراء انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه، انقلب المشهد رأساً على عقب، وتبيّن أنّ إنتاج هذه الأغلبية لم يعد ضرباً مستحيلاً، لا بل صار متاحاً إذا ما قررت قوى الثامن من آذار بذل مجهود في سبيل تكوينها لمصلحة انتخاب رئيس من قماشتها.

 

بهذا المعنى، يرى مطلعون على موقف «حزب الله» أنّ للأخير مصلحة مباشرة كما لحلفائه، في العمل على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وعدم تركها رهينة الخلافات السياسية لا سيما بين حلفائه، والسعي في المقابل لإقناع نواب مستقلين لتأمين هذه الأغلبية خصوصاً على الضفّة السنية. ولهذا، فإنّ العمل سيكون مركّزاً على عدم تكرار سيناريو الشغور الرئاسي، وفق المطلعين على موقف «حزب الله»، خصوصاً إذا لم ترتفع وتيرة الضغط الخارجية، وتحديداً السعودية – الأميركية للحؤول دون تنفيذ هذا السيناريو، والعمل بالتالي على تعطيل مشروع ترئيس ماروني من قوى الثامن من آذار، لمصلحة اختيار شخصية وسيطة، وهو احتمال يفضّل «حزب الله» وحلفاؤه تجنّبه.

 

بناء عليه، يقول هؤلاء إنّ أول شروط هذا الاحتمال هو إبرام التفاهم بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لكونه أبرز المرشحين المحتملين. ولهذا التفاهم جدول أعماله، وهو قد يبدأ بايداع باسيل وعداً بأن يكون مرشّح الدورة المقبلة أي في العام 2028 ولا ينتهي بسلّة ضمانات تحول دون تعرّضه للتصويب من جانب العهد الجديد. ولهذا يعتقد المعنيون أنّ احتمال التفاهم بينهما ليس مستحيلاً لا بل هو قابل للتنفيذ.

 

إذاً العوامل المحلية، بالنسبة إلى هؤلاء، متوافرة فيما تبقى العوامل الخارجية. حتى الآن لم تقل أي من الدول المعنية كلمتها في هذا الشأن وتحديداً السعودية والولايات المتحدة الأميركية. ولكن إذا ما افترضنا أنّ الاستحقاق الحكومي قد يكون نموذجاً لتعاطي المملكة مع الاستحقاق الرئاسي، فهذا يقودنا للاستنتاج أنّها لن تكون بمنأى عن الانتخابات الرئاسية، وقد لا تقبل بتقديم الموقع الأول على طبق من فضة لقوى الثامن من آذار من خلال السماح لها بانتخاب رئيس من صلبها، حتى لو كانت علاقتها مع فرنجية أقلّ إشكالية من علاقتها مع الرئيس ميشال عون. لا بل قد تسعى لتأمين لوبي ضاغط ينزع الأغلبية من قوى الثامن من آذار.

 

إلّا أنّ ثمة مؤشرات أخرى لدى هذا الفريق، تدفع للاعتقاد بأنّ الاستحقاق الرئاسي قد يحصل في موعده من دون تأخير، ما يعني أنّ طريقه لن تكون وعرة، وهي تتصل برؤية فرنسا ودورها في لبنان. إذ يتبيّن وفق المطلعين على بعض ما يتسرّب من نقاشات دبلوماسيين فرنسيين مع مسؤولين لبنانيين، أنّ الإدارة الفرنسية تؤجل مبادرتها تجاه لبنان لما بعد الانتخابات النصفية الأميركية، أي إلى ما بعد الخريف المقبل، في محاولة من باريس لإعادة إحياء حراكها في لبنان على قاعدة صياغة تفاهم سياسي- اقتصادي- مالي من شأنه وقف النزيف الحاصل والنهوض بالوضع الاقتصادي، ولكن بالتفاهم مع السعودية والإدارة الأميركية.

 

وهذا ما يدفع بعض القوى السياسية إلى الاعتقاد أنّ تأجيل العودة الفرنسية إلى لبنان مزيداً من الأشهر، مؤشر إضافي على أنّ الاستحقاق الرئاسي قد يحصل في موعده من دون تأخير.