Site icon IMLebanon

حتى يبقى المسيحيّون في لبنان؟!

ليت وزير الخارجية جبران باسيل، يكشف للرأي العام، ما اعترف به للبطريرك بشاره الراعي، أين فشل وأين نجح، خصوصاً انه من المفترض ان يكون قد اعترف باسم الثنائي الماروني الذي اخذ على عاتقه، تحقيق المساواة والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين في ما يتعلق بموضوع قانون الانتخابات، وهل ان افطار اللاغالب ولا المغلوب في قصر بعبدا قد رسم الطريق للوصول الى الحل المنشود، أمّ ان الكلمة الأخيرة ستكون لشيطان التفاصيل على الرغم من ان الثنائي الماروني قد تراجع عن ضمان الغاء مقاعد الوصاية السورية، او نقل بعضها من دائرة تشكو قلّة الناخبين المسيحيين الى دائرة اخرى تشكو قلّة المقاعد.

الجميع متفائل بالنجاح، ولكن احداً لا يؤكد ذلك، وسيبقى سيف التعطيل مصلتاً فوق رؤوس اللبنانيين، الى ان يقرّ مجلس الوزراء قانون حكومة نجيب ميقاتي معدّلاً، والذي وافق عليه الموارنة الاربعة الاقوياء في اجتماعات بكركي، كخيار ثان بعد القانون الارثوذكسي، والذي حمله «العتّال» النشيط النائب جورج عدوان، على منكبيه في درب كدرب آلام يسوع، واستحق القانون الجديد، فيما اكتملت الافراح بالزواج، ان يحمل اسم «قانون جورج عدوان» ثمنا لتعبه والمحطات الـ12 التي قطعها.

على اي حال، نجح المسيحيون في استعادة جزء مما خسروه ايام الوصاية السورية وما بعدها، او لم ينجحوا، الاّ ان هذه المعركة كشفت ما يجب على المسيحيين ان يفعلوا، ليستعيدوا قوتهم ودورهم وحضورهم المؤثر في هذا الوطن الذي قام بنسبة كبيرة على سواعدهم وتضحياتهم. وساهموا في بنائه لبنة، لبنة، قبل ان تمتد ايادي اهل السوء اليه.

* * * * *

ان التراجع العددي للمسيحيين، وضعهم مع الأسف في خانة الضعف عند رفع راية المطالبة بالمناصفة، لأنهم بطلوا ان يكونوا نصف الشعب اللبناني، وكانوا يسمعون همساً وجهراً «ليصمت المسيحيون ويشكروا ربّهم انهم يشكلون نصف النواب ونصف الوزراء ونصف موظفي الفئة الاولى، ولا «يزيدوها» حتى لا يخسروا المناصفة ويخسروا رئاسة الجمهورية».

انطلاقاً، من اهمية العدد في دولة قائمة على المحاصصة الطائفية والمذهبية، على المسيحيين عموماً، من قادة ورؤساء احزاب ومسؤولين وشخصيات فاعلة، وعلى الكنائس المسيحية خصوصاً، ان يخرجوا من دائرة الاعتماد على النصوص لتدبير امورهم، ويعرفوا ان الديموقراطية العددية ما زالت سلاحاً فاعلاً في هذا النظام، واذا ارادوا ان يبقوا عنصراً فاعلاً على المستوى ذاته مع الشريك في الوطن، فامامهم طريق الزامية لا بديل عنها، تبدأ بتسييل املاك الكنائس وثرواتها، والاهتمام بالدرجة الاولى بمسيحيي الداخل، اجتماعياً وتربوياً وطبياً وعملاً، بالتعاون والتنسيق مع اصحاب الثروات في الوطن والمهجر، ليبقى المسيحي في ارضه، مرتاحاً عائلياً الى غده وغد اولاده واحفاده، وفتح ورشة كبيرة لتسجيل المنتشرين اينما كانوا، ليس بهدف تجاوز الشريك عددياً، بل بهدف التعادل معه والتوازن، والعيش مرفوعي الرأس.

بخلاف تغيير جذري في مفاهيم العيش في نظام طائفي، لا مكان محترم للمسيحيين في لبنان، ان لم تقترن قدرتهم على العطاء والخلق، مع عدد يحميهم، طالما ان حلم الدولة المدنية العلمانية غير الطائفية سيبقى حلم ليلة صيف.