Site icon IMLebanon

لا تخاطروا بلبنان

 

 

 

تتكاثر في الآونة الأخيرة الإشارات المباشرة وغير المباشرة التي تصدر عن إيران وجهات قريبة من «حزب الله»، وتُلمّح إلى احتمال دخول «الحزب» في الحرب إذا تعرضت إيران لضربة أميركية. آخر هذه الإشارات جاء على لسان مسؤول إيراني، نقلته قناة الجزيرة، حين أكد أن «حزب الله» «سيتحرك» في حال استهداف طهران، ما يعني أن الساحة اللبنانية ستكون جزءاً من الرد الإقليمي المحتمل.

 

ورغم أن «حزب الله» لا يعلن موقفه صراحة، إلا أن خطابه السياسي والإعلامي يعجّ بالتلميحات إلى احتمال إشعال الجبهة الجنوبية، وكأنّ القرار قد اتُخذ بانتظار ساعة الصفر. وفي المقابل، تلتزم الدولة اللبنانية الصمت، فلا موقف واضحًا من رئيس الجمهورية، ولا تحرك رسميًّا جديًّا يعبّران عن رفض زجّ لبنان في حرب جديدة مدمرة، باستثناء رسائل تحذيرية غير مباشرة تُوجّه إلى «الحزب» تدعوه للامتناع عن أي خطوة قد تقود البلاد نحو الهاوية.

 

في موازاة ذلك، تتكثف الحملة الإعلامية من قبل جهات محسوبة على محور الممانعة، لإظهار أن إسرائيل تحضّر لحرب برية في الجنوب، وأن هناك نوايا عدوانية تستدعي ردعاً استباقياً. ويبدو أن هذا التمهيد الإعلامي يهدف إلى تهيئة الرأي العام لأي مغامرة عسكرية جديدة قد يقدم عليها «الحزب» تحت شعار «الدفاع عن المحور» أو «الرد على العدوان».

 

لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن إشعال الجبهة اللبنانية سيكون بمثابة لعبة القمار الأخيرة، حيث المخاطر تفوق بكثير أي مكاسب مزعومة. فالحرب المقبلة – إن وقعت – لن تكون كسابقاتها، وستطال كل البنية التحتية اللبنانية، وستدفع اللبنانيين مجدداً نحو التهجير والانهيار الكامل لما تبقّى من اقتصاد وخدمات.

 

المسؤولية هنا تقع أولاً وأخيراً على الدولة اللبنانية، التي لا يمكنها أن تكتفي بدور المتفرج أو المراقب. عليها أن تتحرك فوراً، وأن ترفع الصوت عالياً برفض تحويل لبنان إلى منصة رد إيرانية، أو إلى ساحة حرب بالوكالة.

 

على الدولة أن تؤكد على حياد لبنان، وعلى أن قرار الحرب والسلم ليس ملكاً لحزب، بل يجب أن يكون قراراً وطنياً تُقرّره مؤسسات الدولة الشرعية.

 

لبنان لا يحتمل حرباً جديدة. وعلى الجميع، وفي مقدّمهم «حزب الله»، أن يدركوا أن المخاطرة بالبلد اليوم هي جريمة بحق وطن وشعب بأكمله.