Site icon IMLebanon

حزب الله يربك العدوّ: إدخال وسائل دقيقة يغيّر معادلة الردّ

 

 

اختلطت التقارير والتقديرات الواقعية مع حملة التهويل التي يشنّها العدو والشائعات التي يروّجها أعداء المقاومة في لبنان، في «خلطة» أوحت بأن العدو على وشك شنّ عملية برية واسعة في جنوب لبنان. فيما تتعارض الوقائع الميدانية مع هذه الإيحاءات، أقلّه في هذه المرحلة.يندرج هذا الأداء وما يرافقه من حملات سياسية ونفسية ضمن ما أسمته القناة 13 «الضبابية الاستراتيجية» مع لبنان، المرتبطة بـ «الضبابية الاستراتيجية» في غزة، «وفي الأمرين نحن أمام حائط مسدود». وفي الإطار ذاته، أوردت القناة «أننا سنرى المزيد من التدريبات الكتائبية واللوائية للإعداد لإمكانية انتقال الجيش من الدفاع إلى الهجوم في حادثة معقّدة جداً جداً». فيما، رأى مراسل القناة 12 أنه «لا يبدو أن الحرب ستندلع في الشمال لأن المواجهة مستمرة بالصورة نفسها منذ 3 أشهر ونصف شهر».

يشي ذلك بأن ما تشهده جبهة الجنوب هو ارتقاء مدروس من الطرفين، يحاول العدو من خلاله ردع المقاومة عن مواصلة خيارها العملياتي، بالتدرّج التصاعدي في الضغوط. ويأمل من ذلك أن ينجح في أن يفرض وضعاً وتموضعاً للمقاومة يقلّصان من قدراتها الدفاعية والردعية في جنوب الليطاني، ولتوفير شعور بالأمن للمستوطنين الذين يضغطون على مؤسسة القرار السياسي والأمني.

إلا أن حزب الله نجح حتى الآن في إحباط رهانات العدو ورفع مستوى الضغوط المضادّة بما يتناسب مع كل مرحلة ومتطلّباتها، وصولاً إلى ما شهدناه في الأيام الأخيرة من إدخال أسلحة أكثر تطوراً، في خطوة مدروسة في توقيتها وطبيعتها وحجمها ولتحقيق أهداف محددة، وستكون مؤشراتها حاضرة لدى القيادتيْن العسكرية والاستخبارية، ومن خلالهما لدى مؤسسة القرار السياسي.

ماذا يعني استخدام هذه الأسلحة في مواجهة خيارات العدو إزاء جنوب الليطاني؟

يُلاحظ أن العدو خفّض سقف طموحاته في مواجهة حزب الله لتنحصر في منطقة جنوب الليطاني، بعدما رفع سابقاً شعار القضاء على الحزب وتدمير قدراته العسكرية. ويعود ذلك إلى إدراك الجهات المهنية لحجم المتغيرات التي استجدّت على معادلات القوة، والتي يُتعارف عليها في كيان العدو بمفهوم «تغيّر التهديد وتغيّر العدو»، وأدّت إلى سلب الجيش الإسرائيلي القدرة على الحسم في الحروب. أضف أنه في أي حرب واسعة ضد حزب الله، فإنها ستجري بشكل رئيسي في العمق الاستراتيجي لإسرائيل (بفعل الأسلحة الدقيقة)، إضافة إلى ما سيتكبّده جيشها من خسائر.

في الموازاة، فإن المخاطر التي أنتجها «طوفان الأقصى»، والتحولات التي أحدثها في العقيدة العسكرية وانعكاس ذلك على الحدود مع لبنان، إضافة إلى ضرورة محو صورة الجيش الفاشل في ردع النيران التي أدّت إلى «نزوح» عشرات آلاف المستوطنين، واضطراره إلى إنشاء حزام أمني داخل الأراضي الإسرائيلية. وبحسب تعبير قائد سلاح البحرية السابق اللواء أليعازير ماروم تشيني، «لم تكن إسرائيل بمثل هذا الوضع في تاريخها». كل ذلك، يفاقم من حجم الضغوط على العدو لإنهاء هذه الحالة التي ربطتها المقاومة بالحرب على غزة.

في ضوء هذه الدوافع والقيود والمخاطر، يلوِّح العدو بسيناريو عملياتي بديل، هو دون الحرب تفادياً لكلفتها ومخاطرها، على أمل أن لا يتدحرج ذلك إلى حرب واسعة. وفي مقابل ذلك، أدخل حزب الله صواريخ دقيقة ضمن المدى الجغرافي الذي تجري ضمنه المعركة الآن، إضافة إلى صواريخ قادرة على ضرب الأهداف المحجوبة عن الرؤية المباشرة، فضلاً عن مزايا أخرى يدرك العدو معانيها العسكرية. ويتوقع أن ينعكس ذلك تقديراً مختلفاً لدى العدو لحقيقة أن كل النقاط العسكرية وغير العسكرية ستكون ضمن دائرة الاستهداف الدقيق، ما سيؤدي إلى ارتفاع كلفة هذه المعركة، فضلاً عن أنه لن يحقق المرجوّ منها من أهداف. كما أنه لا يمكن للعدو أن يضمن عدم ارتقاء الردود خارج السقوف التي يفترضها، والتي ستكون مرتبطة بتقديرات المقاومة وقرارها. وليس من الصعوبة التقدير أيضاً أنه في حال كابر العدو واستمر في توسيع نطاق استهدافاته، فقد يدفع ذلك المقاومة إلى مزيد من الارتقاء في النطاق الجغرافي و/ أو طبيعة الأهداف و/ أو الوسائل الجديدة.