Site icon IMLebanon

“على طريق القدس” والإجماع المستحيل

 

ليس تفصيلاً أن يكتب الدكتور ناجي حايك، نائب رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، على منصة «إكس»: «على مَن لا يعجبه أداء الإسرائيليين ألا يستعمل نفس أساليبهم بالترهيب والتهجير». واضح من هذا الموقف أن الدكتور حايك يقصد «حزب الله» و»جيشه الإلكتروني» الذي يوجِّه «صلياته» السياسية ضد كلّ يخالفه الرأي أو ينتقد انغماسه في فتحه «جبهة المشاغلة لتأخير أو عرقلة دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة».

 

لكنّ السِحر انقلب على الساحر، فبدلاً من إنهاك الجيش الإسرائيلي، إنقلب الأمر إلى إنهاك الشعب اللبناني، بشكلٍ مباشر في جنوب لبنان، وامتدّ إلى البقاع، وبشكلٍ غير مباشر في سائر المناطق اللبنانية.

 

فشِل «الحزب» في معركة «الإشغال والإنهاك»، فها هو الجيش الإسرائيلي يدخل إلى غزة برّاً، من شرقها إلى البحر المتوسط، بطريق عرضها ستة كيلومترات، موقِعاً ما يزيد عن واحد وثلاثين ألف فلسطيني، هذا عدا الجرحى، فأين يكون «حزب الله» قد نجح في مشاغلته وإنهاكه؟

 

حتى «حزب الله»، ماذا حقّق في جبهة الإشغال في جنوب لبنان؟ وقع له ما يقارب مئتين وخمسين مقاتلاً، بينهم ثمانون من النخبة، من «قوات الرضوان» و»وحدة الصواريخ» و»وحدة الدرونز»، فكيف يبرّر لبيئته هذه الخسائر الفادحة؟ ومَن يُنزِله عن «شجرة المشاغلة» التي لم تحقّق له سوى الخسائر على كل المستويات؟

 

إذا كانت بيئته قد بدأت تتململ، فكيف بالبيئة المعترضة أصلاً على أدائه وعلى تفرّده باتخاذ القرارات المصيرية؟ وإذا كان «حزب الله» لا يستطيع أن يتساهل مع تململ بيئته، فإنه بالتوازي، لا يستطيع أن يتساهل مع البيئة المعترِضة. من هنا، جاءت «صليات» جيشه الإلكتروني التي لم توفِّر لا مرجعاً روحياً ولا قيادياً سياسياً ولا رئيس حزب ولا حتى أهالي بلدة. بهذا المعنى، فإنّ «حزب الله» في وضعٍ أقلّ ما يُقال فيه إنه وضع حرِج، فلا هو قادر على تحقيق الإجماع على ما يقوم به، ولا هو قادر على تحمّل الاعتراضات التي تزداد يوماً بعد يوم. «حزب الله» عالقٌ بين تحقيق «الإجماع المستحيل»، وبين عدم القدرة على تحمّل الاعتراضات، فبالنسبة إليه «لا ديموقراطية أثناء الحرب»، هكذا تعاطى «بقلة ديموقراطية» إثر حادثة شويا حين منع أهلها إطلاق صواريخ من بلدتهم، وهكذا تعاطى إثر محاولته إطلاق صواريخ من بلدة رميش.

 

«حزب الله» ليس في وضعٍ مريح، فإذا كان لا يقيم وزناً لاعتراضات بيئته، فإنّه يقع في خطأ مميت إذا ما قرّر أن يقفز فوق اعتراضات البيئات التي لا تحتضنه، وليس من الحكمة أن يواجه هذه الاعتراضات بالجيوش الإلكترونية لأنها تزيد منسوب الكراهية التي بدأت تظهر علناً. يفترض بـ»حزب الله» أن يراجع حساباته، لأنّ الشراكة لا تكون بين «فائض القوة» و»فائض الاستضعاف» للشريك.