مريب سلوك “حزب الله” وبيئته الحاضنة (إن ما زالت حاضنة بالفعل): تضرب و”تسحسح” لعناصر القوات الدولية “اليونيفيل”، تعتدي على الشيخ ياسر عودة في الضاحية الجنوبية، تشتم كل من يعترض على سلوكها في مواقع التواصل الاجتماعي… وكأنّها تتخبط.
هذا السلوك يذكرني بالحاجّة والدتي رحمها الله. حينما كان ينهرها أبي (الطنبوز) لا تجد سبيلاً للتنفيس إلاّ بـ”فشّ خلقها” فينا. نحن أولادها، وأنا واحد منهم. عجز الحاجّة عن مجابهة زوجها أو الاعتراض على خُلُقه الضيّق كان ينقلب غضباً غير مبرر ضدنا وعلينا… فنأكل نصيبنا من الضرب والسحل بـ”مشاية بلاستيك” من هنا أو بملعقة خشبية من هناك.
“الحزب” كما الحاجّة يعرف أنّه بات محاصراً، ولا إمكانية للمراوغة أو اللعب على التناقضات. يدرك أنّ سلاحه بات في مرمى المجتمع الدولي الذي يصر على تسليمه للجيش اللبناني قبل أيّ بحث في ملف إعادة الاعمار أو في تقديم المساعدات، فتراه وكأنّه يستجدي جولة قتال تالية في محاولة للهروب إلى الأمام أو البحث عن مبرّر يقدمه لبيئته الحاضنة في حال زادت الضغوط (وهكذا سيحصل) من أجل تسليم ذاك السلاح.
ما يقوم به “الحزب” هو الانتحار بعينه. هو كمن يطلق النيران على قدمه…
أمس وردني اتصال من صديقي أبي علي، الذي يقيم في الضاحية الجنوبية، ليخبرني بأنّه حزم الحقائب تمهيداً لترك منزله في حال وقعت جولة القتال الثانية، طالباً مني تأمين شقة صغيرة له في أي مكان ببيروت، بعيداً من الضاحية الجنوبية، التي باتت “مدينة أشباح” منذ ما قبل عيد الأضحى.
سألته: “مش بكير يا أبا علي على هيدا الكلام؟… ما في مؤشرات جدية على حرب جديدة لهلق”. قاطعني أبو علي فوراً وقال: “يا أبو زهير المكتوب بينقرأ من عنوانه. أنا مش قادر إدفع إيجارات بآلاف الدولارات، ويلي كانوا معنا راحوا. شفلي شي غرفة ومنتفعاتها وخلينا نستبق الأحداث… هيك أضمن”.
أقفلت الخط متأثراً بالمأساة التي يعيشها أهل الضاحية وأهل الجنوب، وما عدت أفهم ولا أعرف إن كان صمتهم على سلوك “الحزب”، بعد تلك الحرب المدمرة، سبباً أم هو نتيجة لما يعيشونه.
ضربت كفاً بكفّ، ورحت أتواصل مع معارفي، على ندرتهم، بحثاً عن تلك الغرفة.
قلبي عندك يا أبا علي…
