Site icon IMLebanon

ستريدا جعجع..»أمّ اللبنانيّين» بالإذن من صفيّة زغلول «أمّ المصريّين»  

 

للحظة لم أتصوّر أنّ النائب ستريدا جعجع ستمتلك من الشفافيّة والمصداقيّة قدرة الإجابة على سؤال جارح و»محرج» كما وصفه الزميل الّذي طرحه عليها في صرح البطريركيّة المارونيّة، بعد لقاء جمعها أمس بالبطريرك بشارة الراعي، عن تلك اللافتة السخفيّة و»الحقيرة» التي حملها «تافهٌ ناقص ترباية» في «تظاهرة فاسدة» تظاهر فيها «الحزب الحاكم» يوم الأحد الماضي تأييداً نفسه!! أجابت ستريدا جعجع بكبرياء إبنة الأرز «صحيح أنه عندما اعتقل زوجي في العام 1994 عزمت القرار أن أقف إلى جانبه ويومها اعتبر الكثيرون في ظل الظروف السياسيّة التي كانت قائمة آنذاك أن موقفي موقف مجنون، إلا أنني ترعرعت في منزل لطالما سمعت والدتي تردّد على مسمعي «ولدتما معاً وستظلان معاً» كما كنت أسمع الوالد يردد دائماً أن «الفَرْس الأصيلة ما بترمي خيّالها»، صحيح أنّ هذا الأمر كلّفني شخصياً ألا أكون أمّاً أو أشعر بأسمى شعور من الممكن أن تشعر به امرأة إلا أنّه مثلما تضحي كلّ أمهاتنا من أجل أولادهنّ بالغالي والرخيص أنا أعتبر أنني ضحيّت من أجل وطني ولا أندم أبداً على ذلك»، ليس هناك أشرف من تضحية إمرأة بأمومتها من أجل وطنها، هذا نموذج وطني عظيم ندرت حكاياه في تاريخ النساء العربيّات…

 

وهذه هي الإشارة والأمثولة التي اختارت ستريدا جعجع أن تقدّمها أمس للنساء والصبايا والشابات اللبنانيّات اللواتي يواجهن اليوم ويخضن معركة لبنان الجديدة ضدّ الفاسدين وسلطتهم، في معركة هنّ عصب الثورة التي يشددْنَ فيها أنظار العالم العربي، لحظة تتسيّد فيها المرأة اللبنانيّة عين عاصفة الثّورة، توجّهت لهن ستريدا بالقول: «أدعو سيدات وشابات لبنان أن يأخذن نفس الموقف الذي أخذته عندما يوضعن في موقف ترمى فيه على أكتافهن المسؤوليّة»… وعلى الرّغم  من أننا شاهدنا بالأمس عناصر من الجيش اللبناني «يشحطن» من تظاهرة نساءً شابت شعورهنّ في تربية أبنائهن على حبّ لبنان، وأوّل من أمس شاهدنا شابّاً يحتضن والدته ويبكي بعدما ضربها جندي في تظاهرة في صيدا وعجز إبنها عن حمايتها.. هذه ليست القاعدة، جيشنا وعديده حماة حمانا والدّفاع عنا، ولكن ولأنّ لكلّ قاعدة شواذ، من هذا الشواذ «قزحيا يوسف يوسف، عسكري من عديد لواء الحرس الجمهوري، والدته لور عقل، مواليد 19/03/1991، رقم سجلّه 2/2 بيت حبّاق – جبيل» قزحيا يوسف الذي حمل بابتسامته البلهاء تلك اللافتة ـ متناسياً أنّه ومن فوق سابع سماء هناك ربٌ قادرٌ أن يحرق قلب أمّه عليه، وقلب أمّ ومعه قلب من قال له أن يحملها، سبحانه ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾.. قزحيا هذا هو كما وصفته النائب ستريدا جعجع أداة عند الوزير جبران باسيل، فماذا نقول في ذلك؟!

 

لم تعرف السياسة في لبنان نموذجاً كالوزير جبران باسيل يتجاوز كلّ حدود الوقاحة ظنّاً منه أنّه قادر على مخادعة الناس، يوم الأحد الماضي وفي الوقت الذي كان فيه «الصعلوك الصغير» يحمل تلك اللافتة، كان جبران باسيل يُحدّثنا عن «ترباية الماما له»، ربّما علينا أن نذكّره أنّه «ترباية تيّار ألبس العسكري (ابن الصندقلي) جبّة «شيخ» وادّعى أنّه جاء على رأس وفد من دار الفتوى».. «ترباية» لا تعرف حرمات ومقدّسات وأعراض وكل عزيز وغالٍ ونفيس، وهل هناك في خاطر أي إمرأة أقوى من غريزة الأمومة التي جبل الله طينتها عليها؟ أشكّ في ذلك.. كثيرون ـ منهم أنا ـ حجب غضبهم مما قرأوا على تلك اللافتة عن أعينهم الفتن التي تختبىء خلفها، وأفضل ما فعلته ستريدا جعجع بالأمس تصويبها هذه البوصلة فتيقّظ الجميع لحجم وخطورة الفتنة!

 

المضحك ـ المبكي أنّ الوزير باسيل ـ المختبىء في مكان ما ـ عندما أصدر مكتبه ردّاً على تصريح النائب جعجع، ادّعى أنّ قزحيا يوسف ليس من حرسه الشخصي ولا من فريقه الأمني»، كأنه لم يسمع أو يقرأ أنها قالت أنّه من عديد لواء الحرس الجمهوري، أو ربّما التبس الأمر على مكتبه فظنّ أن الوزير باسيل هو رئيس الجمهوريّة!! نعرف سلفاً أن ثمّة أقوال لا تنفع تلاوتها على مسمع باسيل كقول إبراهيم اليازجي: «الصدق عمود الدين، وركن الأدب، وأصل المروءة»، ربّما قد  يجدي أكثر قول الشريف العقيلي: «لا يَكذِبُ المَرْءُ إلا من مَهانَتِهِ/ أو عادةِ السُّوءِ أو قلَّةِ الأدبِ»!

 

يوم الاثنين 4 تشرين الثاني الجاري تشاركت عبر موقع فايسبوك فيلماً تسجيليّاً كثيراً مع لبنانيّين كثر توجّهوا برسالة للنائب السيدة ستريدا مخاطبينها بصدق وبساطة «أنا إبنك» أو «أنا بنتك»، أنا أيضاً خاطبتها معهم فكتبت «ستّ الستّات وتاج راس لبنان ومناضلينو.. ستريدا جعجع.. وأنا بنتك ولو كنت بالسنّ خلقانة قبلك»، وعلّقت على صفحة الزميلة والصديقة والرفيقة والأخت العزيزة أنطوانيت جعجع في ردّها على محاولة الإهانة والتجريح التي تعرّضت لها ستريدا جعجع في «تظاهرة فاسدة» فكتبت: «الله يباركلنا بستريدا.. أم اللبنانيين».. وبصدقٍ شديد أقول، إنّني عندما كتبتُ «أم اللبنانيّين» وجدتُ أنّني على محكّ مُساءلة نفسي: هل يُقاس نضال ستريدا جعجع بنضال صفيّة زغلول التي لم تنجب ولم تحظَ بالأمومة الخاصّة فتوّجها الشعب المصري «أمّ المصريّين» عندما عدت إلى نضال السيدة صفية زغلول وهي من هي في زمانها وحقبتها، وجدتُ ضميري مرتاحاً جداً وقلبي مطمئناً، وأقول وبصدق شديد لا يملك العرب في زمنهم المعاصر سيّدة مناضلة وطنيّة ـ ولا أقول سياسيّة ولا حزبيّة ـ وصلبة وقديرة وصادقة ومحترمة، إمرأة بأهميّة وقَدر ستريدا جعجع التي تَتشرّف بها الأمّتيْن اللبنانيّة والعربيّة.