Site icon IMLebanon

«التجييش» يُلهب معركة زحلة

تتّخذ المعركة البلدية في زحلة طابعاً أكثر حدّية خصوصاً بين الأحزاب المسيحيّة و«الكتلة الشعبية»، فيما أعلن موسى فتوش لائحة «زحلة تستحق»، ويبقى يوم الأحد المقبل مفصلياً في تاريخ الإنتخابات.

ظاهرياً، رسا المشهد الانتخابي الزحلاوي على ثلاث لوائح تختزل الكباش المحلي والوطني الحاصل في عاصمة الكثلكة، أما في العمق فينكشف مدى الصراع أكثر وأكثر كلما إقترب موعد الإنتخاب، إذ إنّ الانتخابات البلدية شكلت مناسبة لتطفو الخلافات القديمة على سطح «الكركة» الزحلاوية السياسية.

يُشكّل 63 مرشحاً يتوزّعون على لوائح ثلاث برئاسة موسى فتوش، أسعد زغيب، ويوسف سكاف، عنواناً لمعركة إنتخابية بلدية محصورة بإنماء مطلوب ومشروع من هنا والاهتمام بطريق من هناك، لكن الظاهر أنّ هذه المعركة أعادت «نبش» مصطلحات الماضي وخصوصاً «الإلغاء» الذي دفع المجتمع المسيحي ثمنه سابقاً.

رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف تتّهم الأحزاب المسيحية بشنّ حرب إلغاء عليها، فتردّ الأحزاب بأنّ سكاف تطمح بطردهم خارج المدينة. تعتبر سكاف أنّ قرار لائحة زغيب موجود في الرابية ومعراب وبكفيا، فتقول الأحزاب إنّ مَن يُحرّك ويدير معركة زحلة هو والدها إبن بشري النائب السابق جبران طوق الذي يتدخّل في قرارات المدينة، فتنفي «الكتلة الشعبية» هذه المعلومات وتوضح أنّ طوق يقف الى جانب إبنته معنوياً وهذا أمر طبيعي ولا يتدخّل في مجريات المعركة، لأنه يصرف إهتمامه على معركة بشري التي يدعم لائحة المستقلين فيها.

تتقدّم عناوين المعركة البلدية على كلّ ما عداها من معارك سابقة، وتنتفض الأحزاب عندما تتحدث «الكتلة الشعبية» عن مصادرة قرار زحلة، وسرعان ما يحضر الرئيس كميل شمعون والرئيس الشهيد بشير الجميّل في صميم المعركة، وتشير الأحزاب وعلى رأسها «القوات اللبنانية» والكتائب الى أنّ «الجميّل قاد مع الجبهة اللبنانية أشرس حرب ضدّ جيش الاحتلال السوري ودافع عن زحلة، وكانت هذه الحرب نقطة الفصل في القضية اللبنانية، حيث تحوّلت زحلة مدينة عالمية ولفتت نظر المجتمع الدولي الى ما يعانيه المسيحيون في تلك المرحلة، ونضال الحزبين في المدينة يتخطّى كلّ المفردات حيث دفعت دماً من خيرة شبابها لصدّ العدوان عنها».

لا ينكر أحدٌ دور الوزير الراحل جوزف سكاف في المفاوضات آنذاك، ولا يستطع أحدٌ من قيادات وأبناء زحلة إنكارَ الدور البطولي الذي قدمه مقاتلو «القوات» والكتائب وأحزاب اليمين المسيحي وأبناء المدينة في الدفاع عن زحلة، ومهما قيل عن المعركة، فإنّ الثابت في القاموس الزحلاوي أنّ أحداً لا يستطيع إلغاء أيّ مكون إذا كان يحظى بحيثية شعبية.

التكهّنات

لا يمكن التكهّن بنتيجة الإنتخابات قبل الأحد المقبل، فالتجييش في ذروته، خصوصاً أنّ الجميع لا يوفّر أيّ نقطة ممكن أن تصبّ لمصلحته. حتى معركة حلب التي اشتعلت أخيراً ذكّرت القواتيين والكتائبيين بحرب زحلة، وقد استخدموها للدلالة على أنهم أبناء المدينة الذين دافعوا عنها في وجه آلة القتل السورية.

أما تهمة الإلغاء التي أطلقتها سكاف، فقد إستغلتها الأحزاب المسيحية بعد انتشار أخبار تفيد أنّ رئيسة «الكتلة الشعبية» تحالفت مع حركة «أمل» و«حزب الله» وتيار «المستقبل» من أجل إلغائهم والسيطرة على قرار المدينة.

وفي هذا السياق، يستغرب أسعد زغيب عبر «الجمهورية» كيف أنّ «سكاف تتّهم الأحزاب المسيحية بإلغائها والسعي الى السيطرة على المدينة، بينما هي تتحالف مع حزبين آخرين لهم وجودهم في المدينة»، لافتاً الى أنّ «المستقبل» و«حزب الله» لم يتصلا بنا، وبالتالي فإنهما في المقلب الثاني مع سكاف خصوصاً أنه بات معلوماً أنّ «المستقبل» يؤيّد لائحة «الكتلة الشعبية».

ويعتبر زغيب أنّ «كلام الكتلة الشعبية» لجهة أنّ قرارنا في معراب وبكفيا والرابية يثير الضحك وهو شائعات»، موضحاً «أننا أبناء المدينة ونعمل لإنمائها ولا صحة لما يُقال عن أنّ لائحتنا غير متجانسة، فالجميع سيرى أننا فريق عمل واحد»، كاشفاً أنّ «حزب «الوطنيين الأحرار» سيدعمنا أيضاً».

الأحزاب

وبعد إعلان لائحة زغيب محاطاً بالأحزاب المسيحية والعائلات، يعتبر النائب السابق سليم عون أنّ «كلّ الحديث عن عدم إنسجام اللائحة هو من نسج خيالهم، فليهتموا بأمورهم ويكفوا عن التلهّي بأشياء غير صحيحة من أجل الربح».

ويسأل: «لماذا إذا اتفقت الاحزاب المسيحية نُشيطنها ونعتبرها الشرّ المطلق فيما تتحالف «الكتلة الشعبية» مع أحزاب ذات طابع إسلامي مثل تيار «المستقبل» وحركة «أمل». لماذا نعيش صيفاً وشتاءً تحت سقف واحد؟».

ويقول عون لـ«الجمهورية» إنّ «الكلام عن أنّ زحلة مقبرة الاحزاب ونريد تحرير قرارها، هو كلام قديم لا معنى له. فأنا ابن زحلة والأحزاب هي من النسيج الزحلاوي والتحريص ضدنا غير مقبول»، معتبراً أنّ «الانتخابات في زحلة هي إستفتاء للتصويت على المصالحة المسيحية وما إذا كانوا الزحالنة معها ويرغبون في إنهاء الخلافات وبناء التلاحم».

ويضيف: «نستعيد دور زحلة وقرارها عندما ينجح التفاهم وتُستعاد حقوق المسيحيين ما ينعكس على قرارنا»، مشيراً الى «أنّ التيار لم يتبلّغ حتى الساعة قرار «حزب الله»، فيما «أمل» و«المستقبل» ضدنا».

ويؤكد أنّ «لائحتنا واحدة موحّدة»، معتبراً أنّ «جميع الاعضاء نتعامل معهم كأنهم مرشحو «التيار الوطني الحر»، مشدّداً على أنّ «الكتائب في زحلة معنا وجميعنا يد واحدة». وعن عدم نجاح التفاهم مع فتوش، يوضح أنّ «فتوش مع التفاهم المسيحي لكنّنا اصطدمنا بعقبة خلافه مع «القوات» التي لم تُحلّ».

«الكتلة الشعبية»

وفي هذه الأثناء، تستكمل «الكتلة الشعبية» عملها على الأرض كما بقية القوى، مع العلم أنّ الأحزاب إستنفرت قواها وجيّشت جماهيرها بعد إعلان سكاف لائحة «زحلة الأمانة» برئاسة يوسف سكاف الذي يؤكد لـ«الجمهورية» أنّ «الكتلة أجرت تقويماً للأرض ودرست الواقع الإنتخابي، وقد دلّت كلّ الإحصاءات على أنّ وضعنا جيّد جداً وقادرون على تحقيق الفوز»، موضحاً «أننا قرّرنا خوض المعركة من أجل إنماء المدينة وعدم نقل الصراعات في الدولة اللبنانية وشلل العمل المؤسساتي الى البلدية، لأنّ الأحزاب ستنقل مشكلاتها الى هذه المؤسسة وعندها لا نستطيع تغيير «لمبة» محروقة ويتوقف العمل».

ورداً على الإتهامات بأنّ «الكتلة الشعبية» أوصلت البلدية السابقة ولم تستطع تحقيق أيّ إنجاز، يعود سكاف الى السنوات الماضية، ويقول: «عاما 1998 و2004 أوصلت الكتلة بلديّتين ونجحتا، أما عدم نجاح البلدية الحالية فيعود الى العرقلة التي مارسها أطراف معروفون في زحلة من أجل الثأر السياسي»، معتبراً أنّ «إختيارنا بعض الشخصيات من البلدية الحالية هو بسبب نجاحهم منذ مدة بالعمل الإنمائي».

ويشير سكاف الى «أننا لم نتبلّغ حتى الساعة دعم تيار «المستقبل» و»حزب الله» لنا، في وقت يقيم «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» حلفاً إستراتيجياً معهم على صعيد الوطن بينما تُعتبر جريمة إذا حاورناهم»، مذكراً بأنّ «الكتلة الشعبية كانت أوّل من أيّد المصالحة المسيحية وطلبنا توسيعها، لكنّ الأحزاب اختارت المعركة في زحلة»، مشدِّداً على أنّ «القوات والكتائب وأبناء زحلة والجميع دافعوا عن المدينة في الحرب وقدّموا الشهداء، ونرفض إستغلال دمائهم في معركة بلدية».

بين الأحزاب المسيحية و»الكتلة الشعبية»، يقف موسى فتوش الذي يسعى الى تحقيق خرق ما أو أقله تحصيل رقم معين. ويؤكّد لـ»الجمهورية» أنه «يرضخ لإرادة الناس ويؤمن باللعبة الديموقراطية ونحن نخوض الانتخابات تحت عنوان زحلة تستحق لنقدم افضل ما عندنا متّكلين على محبّة الناس».

مع إتضاح صورة اللوائح تبقى النتائج غامضة في انتظار ساعة الصفر، التي ستحدّد أوزان وأحجام كلّ القوى السياسية التي ستفعل المستحيل من أجل كسب معركة «عاصمة الكثلكة».