Site icon IMLebanon

العودة عن الخطأ فضيلة

 

مشكلتنا مع معالي وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب في أن ما يؤكد عنه أنه رجل آدمي يطمح إلى أن يكون برّاقا لماعا في وزارته وهذا ما أدى إلى وصفه بصفة العناد والتشبث بآرائه الجريئة التي يطلقها ويتعمشق بأغصانها الغضة والطرية والتي تنذر لفرط ما تعانيه من أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية وأوضاع المواطنين الصعبة، وفي طليعتهم طلابنا الميامين: ظروف نفسية وحياتية قاسية وهي إن لم تكن موجودة ومتفاقمة مع آثار جائحة الكورونا، لما كانت حكومة الرئيس حسان دياب قد وصلت إلى الحكم ولما كانت ظروف التربية والتعليم قد توترت أعصابها ومعالمها وتصرفات مسؤوليها إلى هذا الحد الفاقع.

 

وأخيرا عاد معاليه إلى درب الصواب وإلى الامتثال إلى موجات الانتقادات الهائلة التي انبعثت من كل الأوساط ذات العلاقة، منتقدة محتجة، ومسترحمة، وهكذا فإن أصداء تصريحات ونداءات وانتقادات الاعلام ولجان الأهل وأركان السياسة والمجتمع، ومواقع التواصل الاجتماعي قد وصلت إلى سماع صاحب المعالي وزير التربية الذي سبق أن تمترس بعناد شديد حول إصرار على اتمام العام الدراسي الكترونيا وإجراء الامتحانات الرسمية بكل أساسياتها وشكلياتها في أقرب وقت ممكن، وسط تجاهل مستغرب لأحوال البلاد المعيشية والسياسية والإقتصادية، ووسط حبس اجباري يتعرض له الكبار والصغار ودروس الكترونية مستحدثة على مجتمع يعاني الأمرين من وضع اقتصادي ومعيشي مهترئ، وأحوال تقطع فيها الكهرباء في أغلب الأوقات، وانترنت منقطعة عن العمل ومعدومة الوجود لدى طبقات غير قادرة على احتوائها وتحمل مصاريفها.

 

معالي وزير التربية على ما يبدو كان يريد التشبه ببعض زملائه النشيطين الذين تمكنوا من النجاح في مهامهم وفي طليعتهم وزير الصحة الدكتور حمد حسن، وإن انتساب هذا الوزير إلى أجواء حزب الله لا يمنعنا ونحن من أصحاب الاعتراضات والمآخذ على منهجية الحزب وممارساته ومحاولاته المستمرة الإطباق على مفاصل السلطة والحكم في هذا البلد، من الإشادة بوزير ناجح ونتائج ملموسة ومشكورة أدت دورا ناجحا في منع ما أمكن حجبه من الأذى عن حياة الناس وصحتهم وسلامتهم، وزراء كثيرون جاؤوا إلى الحكم مع أمواج التغيرات الأخيرة، يجيدون أيضا العطاء وإثبات بعض ممارسات النجاح، ولكن التحركات المصطنعة والموحى بها من جهات أمسكت بخناق الحكم والحكومة، لا يمكن أن تسير بالبلاد والعباد وبالوضع السيادي والاقتصادي والمالي وبحالة الإفلاس التي بات الوطن كله يعاني من الغوص في أعماقها، وان التمسك بحبال الإنقاذ التي يلقى بها صندوق النقد الدولي إلى كل بلد منكوب ومستغيث، لا يمكن أن تؤتي بالنتيجة المرجوة طالما أن الحكم وأركانه وحكومته الحالية وسلطته الواقعية، لم يعمدوا إلى الاستجابة إلى مطالب المجتمع الدولي بأسره وشروط المجتمع العربي بشكل خاص، ولم يقدموا للمجتمع الاقتصادي والسياسي والمالي إلاّ الكلام المنمق والمعسول، متجاهلين الإصلاحيات الأساسية، خاصة على ضوء ووهج الفضائح المستجدة على الحدود اللبنانية – السورية، حيث عمليات التهريب المتخذة لصفة السرقة الموصوفة والنهب على عينك يا صندوق النقد الدولي ويا أبناء الوطن كله دون أن نغفل بشكل خاص والانقضاض المستمر على المال العام والممنهج والمستغل بأفدح أنواع السيطرة السياسية المرفوضة والمتمثل بموضوع الكهرباء والإطارات المشبوهة التي ما زالت قيد الانتقادات الوطنية والشعبية المستمرة والمستفحلة، ودون أن ننسى الأملاك البحرية وبقية المآخذ والمزالق التي يغوص في أعماقها حكم مرتبط بأوضاع إقليمية معروفة، تحاول جاهدة أن تمسك بكل مقاليد البلاد من خلال انتماءاتها وحروبها التي تخوضها خارج لبنان ولمصلحة لا علاقة لها إطلاقا بهذه البلاد التي أفلح المفلحون في سلبها وسلب مواطنيها كل أساسيات العيش الكريم ولقمة العيش المسروقة، دون أن ننسى بديلا يقترحه علينا حكام هذه الأيام بإعادة اللحمة السياسية ما بين الدولة اللبنانية والنظام السوري معتبرة أن هذه الإعادة هي السبيل البديل الذي سيحمي لبنان من غدر الزمان وطعون الناهبين، إن إعادة «اللحمة» إلى سياسة البلدين هي إعادة الالتحام في عمليات النهب المستمرة والتي تزيد لبنان فقرا وتراجعا وتعوض على النظام السوري جملة من النواقص التي يعاني منها نتيجة لأوضاعه وعلاقاته الإقليمية التي جعلت من سوريا مقاطعات وأنظمة متعددة تتناطح في ما بينها وتتناتش الأرض والسيادة والثروات وتوقعات مرابح إعادة بناء بلد تم تدمير معظم امتداداته وإنشاءاته.

 

معالي وزير التربية… بدأنا بك وننهي معك: لقد أنقذت بقرارك الأخير أبناءنا وعائلاتنا من الغوص في خضم هذه الأوضاع الصعبة وهذا الجحيم المستعر الذي نعيش فيه نتيجة لاستفحال وباء الكورونا، نعلم أن ذلك قد وضعك في حالة خلاف ونزاع مع إدارة بعض المدارس ومع أساتذة باتت رواتبهم تسبح في المجهول. يعيدنا وإياك إلى الواقع المؤسف وجوب محاولة حماية الناس من مهالك هذه الأيام، ووقايتهم من الكورونا السياسية والاقتصادية، ومن الكورونا الوبائية، ولك الشكر في مطلق الأحوال.