Site icon IMLebanon

«التيار» يطالب بالوزير الأقوى من الرئيس

 

يرفَع «التيار الوطني الحرّ» شعاراً جديداً متعلّقاً باستباحة صلاحيات رئيس الجمهورية من خلال توقيع المراسيم وإعتبارها نافذة، حيث يعتبر أنّ هذا الأمر يضرب صلاحيات الرئاسة الأولى في ظلّ الشغور في قصر بعبدا، مع العلم أنّ الرئيس مُلزَمٌ توقيع المرسوم خلال مهلة 15 يوماً وإلّا يُعتبر نافذاً.

بعيداً من الجدل المتعلّق بما بقيَ لرئيس الجمهورية من صلاحيات بعد إتفاق «الطائف» وتحوّله منصباً فخرياً أو ما يشبه ذلك، مع أنّ التجارب التي نعيشها منذ الفراغ الرئاسي تثبت أنّ غياب الرئاسة الأولى شلّ مؤسسات البلد، فإنّ حلّ الأزمة السياسية يكون بإنهاء «التيار الوطني الحر» مقاطعته جلسات الإنتخاب وتعطيل النصاب، وبذلك تعود الشراكة الوطنية التي يطالب بها وتنتهي إشكالية المراسيم والقضايا التفصيلية الصغيرة، ويعود الموارنة والمسيحيون الى الحكم ويمارسون دورهم الدستوري والوطني.

تتعدّد الآراء الدستوريّة حيال قضية المراسيم التي يثيرها «التيار الوطني الحر»، إذ يعتبر رأيٌ قانوني أنّ الحكومة تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وتعمل بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن الرئيس، واذا أخذنا الواقع الحالي فإنه يشترط حضور نصاب الثلثين أيْ 18 وزيراً ويُصوَّت على القرارات العادية بأكثرية النصف زائداً واحداً أيْ 10 وزراء من الـ18 الحاضرين وليس من مجمل عدد وزراء الحكومة.

وفي ظلّ غياب رئيس الجمهورية، على الوزراء توقيع المراسيم مرّتين لأنّ صلاحيات الرئيس مُناطة بهم، علماً أنّ المرسوم يصبح نافذاً بعد مهلة الـ15 يوماً التي تُعطى للرئيس، لذلك فإنّ مطالبات «التيار الوطني الحر» بإعطاء الوزراء حقّ نقض المراسيم وعدم جواز نشرها من دون موافقتهم جميعاً، تضرب صلاحيات الرئيس لأنهم يريدون إعطاء الوزير صلاحيات أكثر من رئيس الجمهورية الملزم بمهلة الـ15 يوماً.

وتعليقاً على القضية التي يثيرها «التيار» بعدم دستورية توقيع المراسيم في ظلّ غياب رئيس الجمهورية وإعتباره تعدّياً على صلاحياته، يوضح المرجع الدستوري حسن الرفاعي لـ»الجمهورية»، أنّ «العلامة Duguit يقول «ليس للقانون الدستوري أيّ ضابط سوى حسن نية وأمانة الرجال الذين يطبقونه»، وهذا يعني أنّ فقدان حسن النية عند الوزراء يؤدّي الى فوضى في تفسير مواد الدستور».

ويقول: «بناءً على هذه القاعدة الذهبية، تسير أمور الحكم سَيْراً طبيعياً بلا زغل اذا كانت الثقة موجودة بين الوزراء الذين يشكلون السلطة التنفيذية ويمارسون صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة، أما إذا فُقدت الثقة في ما بينهم فيكون تفسير الدستور خاضعاً لغايات وأمزجة كلّ وزير».

ويشير الرفاعي إلى أنّ «المرسوم الذي يفرض القانون أن يُتخذ في مجلس الوزراء، يُصوَّت عليه إذا لم يتوافق الوزراء، فإذا كان موضوع المرسوم من القضايا التي تستوجب الثلثين يُؤخَذ بأكثرية الثلثين وإذا كان موضوع المرسوم عادياً فيُكتفى بالأكثرية المطلَقة.

أما إذا كان موضوع المرسوم من المسائل العادية فتصدر هذه المراسيم بتوقيع الوزراء المختصّين ورئيس الحكومة، لكن في حال فقدان الثقة في ما بين الوزراء «وهذا غير مألوف في الدول العريقة في ديموقراطيتها»، يمكن أن تصدر المراسيم العادية بالأكثرية المطلَقة.

مثلاً إذا كان من صلاحية وزير الخارجية اقتراح نقل سفير من بلد الى آخر، فالمرسوم الذي يقضي بنقله هو من الامور العادية التي تدخل أصلاً في صلاحيات الوزير وليس لغيره أيّ علاقة بصلاحيّته، وبالتالي إذا توافر حسنُ النية تُسهَّل الامور ويُكتفى بتوقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين».

سيبقى الجدلُ القانوني قائماً في لبنان في ظلّ الفراغ الرئاسي، خصوصاً أنّ شللَ المؤسسات يأخذ طابعاً خطيراً، ويُترجَم صدامات في الشارع مع طغيان الملفات الحياتيّة ودخول مندسّين بين المتظاهرين وعجز الحكم عن إيجاد حلول مناسبة تخفّف النقمة الشعبية التي يستغلّها البعض لزعزعة الأمن والإستقرار وتحقيق أهداف سياسية… في بلد يُعتبر فيه الدستور وجهة نظر.