يعتذر او لا يعتذر؟ شكل موقف الرئيس المكلف سعد الحريري في الاربع والعشرين ساعة الماضية الحدث السياسي بين المرجحين ان يقدم الحريري على خطوة تنهي الازمة التي استمرت فصولها تسعة اشهر استنزفت الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية، وبين من استبعد هذا الخيار لاسباب وعوامل كثيرة .
وفيما كانت الاتصالات قائمة على قدم وساق لايجاد مخرج للازمة فان اجواء بيت الوسط والمقربين من رئيس تيار المستقبل حرصوا على كسر الحظر والتعتيم الذي فرضه الحريري على موقفه النهائي مصرين على نفي اي اتجاه نحو الاعتذار وترك الباب مفتوحا للحلول والاتصالات التي نشطت على خط بيت الوسط وعين التينة ومقرات التأليف.
وجهة النظر المتشائمة بخصوص الولادة الصعبة للحكومة استندت على مواقف الاطراف نهاية الاسبوع الماضي والتي لم توح بان هناك اندفاعة نحو التأليف، من تصعيد اللقاء التشاوري وتمسكه بتمثيله والتهجم على الحريري الى موقف الامين العام لحزب الله الذي تجاوز في الحديث التلفزيوني الاخير موضوع الحكومة مركزا على الحرب مع العدو الاسرئيلي وكأن موضوع الحكومة لا يعنيه او يستفزه مما فسر رسالة مشفرة من نصرالله الى الرئيس المكلف سعد الحريري بانه على موقفه وغير مستعجل مثله في التأليف، الى ما تردد عن مفاوضات باريس التي لم تؤد الى اتفاق وتقارب بين وجهات نظر الحريري وباسيل خصوصاً ان رئيس التيار كان يتكلم باجراء عملية تبادل للحقائب ليحصل التيار على وزارة البيئة لم يتبين اذا ما كان الرئيس المكلف يمكنه ان يقوم بمبادلته ليعطي بري وزارة الصناعة من حصة الاشتراكي، واضافة الى ذلك ان ما سبق من اجواء في لقاء باريس قبل عودة رئيس حزب القوات الى بيروت عن رفض القوات المس بحصتها، وبعد ان بدأت القوات من خلال مواقف نوابها تمهد وتعلن عدم ممانعتها الذهاب الى حكومة تصريف الاعمال في حال بقاء العقد.
اما وجهة النظر المتفاءلة فاستندت الى ان المهلة الحكومية تعدت الخط المسموح وان احدا من الافرقاء لا يمكن ان يقبل بتكليف غير تكليف الحريري في الظرف الراهن وان اوراق تكليف الحريري لم تسقط نهائيا،فالحريري يحظى بمظلة اقليمية واسعة تتطلع الى التعاون معه وتنفيذ مقررات مؤتمر سيدر وداخليا لا يبدو ان فريق 8 آذار يتطلع لاختيار بديل عنه لرئاسة الحكومة بعد وحتى حزب الله ارسل اشارات تحذيرية للحريري لاستعجاله للتأليف لكنه لم يفجر العلاقة معه وبقيت الخطوط الحمراء قائمة رغم التجاذب في موضوع التمثيل التشاوري.
الساعات الاربع والعشرين الماضية كما تقول اوساط سياسية كانت الاصعب على الرئيس المكلف من الاشهر الاخرى للتأليف لانه اعلنها ساعة الحسم الحكومي، فالتراجع عن الاعتذار خطوة تعد تراجعا في حال فشل التأليف والاعتذار ايضا خطوة انتحارية لم تكن مطروحة اساسا في اجندة المستقبل حيث قد تتبدل المعطيات ويمكن ان يصبح اعادة التكليف معقدا فيخسر الحريري كل اوراقه الحكومية والسياسية بعد ان تأذى شعبيا وفي تيار المستقبل.
خيارات الحريري تراوحت في الساعات الماضية بين السيىء والأسوا فالسيء هو القبول بتمثيل اللقاء التشاوري الذين استمر الحريري برفض استقبالهم ومخاصمتهم على مدى التسعة اشهر والأسوأ هو الاعتذار والتخلي عن رئاسة الحكومة ، وبين الخيارين فان القبول بتمثيل التشاوري هو الخيار الاهون والافضل من مغاردة رئاسة الحكومة وانتهاء الحقبة الحريرية ، هذا الخيار قد لا يطول وفق اوساط في 8 آذار هو آخر الدنيا فمن اعطى تنازلات كثيرة وقبل باعطاء حزب الله وزارة الصحة لن يجد صعوبة في التنازل لمجموعة سنية فازت في الانتخابات النيابية ان يكون لها ممثل في الحكومة.