Site icon IMLebanon

إعتقال الأسير ومأزق الدولة: انحياز الأمن.. والخلل المؤدي إلى التطرّف!!

في الشكل، يمكن للأمن العام أنْ يصنّف اعتقال الشيخ أحمد الأسير إنجازا أمنيا كبيرا كون الشيخ الأسير من المطلوب اعتقالهم بعد الفتنة التي وقعت في عبرا.

في المضمون: تحوّل اعتقال الشيخ الأسير محطة تشفٍّ وشماتة سياسية ومذهبية، اتخذت شكل توزيع الحلوى في شوارع الضاحية، وصدور تصريحات نابية من بعض أبواق 8 آذار، ما لبثتْ أنْ تحوّلت إلى حملات تحريضية ضاغطة على القضاء، والتي تستبق المحاكمة، عبر إصدار الأحكام سلفاً قبل صدور الحكم، وقبل استيفاء التحقيقات مداها القانوني المطلوب.

نتيجة الاستغلال السياسي، تحوّل ما يعتبره البعض إنجازاً إلى أداة للشماتة والنكاية وإبداء الحقد المذهبي، ما يؤدّي إلى ترسيخ الانطباع بأنّ العدالة في لبنان لا تعرف إلا توجّهاً واحداً، وهو التوجّه الذي يستهدف أهل السُنّة، في حين أنّها تبقى عاجزة مشلولة أمام جرائم سواهم.. من تهريب مفجّري مسجدَيْ السلام والتقوى (آل عيد) إلى التغاضي عن القتلة الناشطين في البيئة الحاضنة لـ«حزب الله» سواء كانوا في الضاحية أو في البقاع، وسواء قتلوا ناشطين شيعة مناهضين لهم (هاشم السلمان) أو خطفوا عشرات اللبنانيين الذين أرغم ذووهم على دفع الخوات جهاراً نهاراً ثمناً لاستعادة أبنائهم في ظل خطة أمنية عرجاء، فقدت زخمها تحت عباءة حسن نصرالله عندما أطلق فكرة «الحشد الشعبي الشيعي»..

لسنا وحدنا مَنْ نطرح تساؤلات حول هذا السلوك الأمني الغريب والمريب، بل إنّ الرئيس سعد الحريري، ورغم ثنائه «على اليقظة التي أظهرها عناصر الأمن العام (..) وتمكّنهم من إحباط محاولة الفرار وإلقاء القبض على المطلوبين»، إلا أنّه شدّد على أنّ هذا «الأمر يجب أنْ يكون محل رعاية القيادات اللبنانية كافة، والامتناع عن حماية المجرمين والعصابات المسلّحة، كائنة من كانت وإلى أي جهة انتمت»، وهذا ما لا يحصل عملياً.

كذلك  تساءل رئيس حزب القوّات اللبنانية الدكتور سمير جعجع: «كيف تمكّنت الأجهزة الأمنية من اعتقال الأسير بالرغم من تنكّره الكامل بينما لم تتمكّن من اعتقال قتلة هاشم السلمان وقتلة صبحي ونديم الفخري؟».

يرى اللبنانيون جميعاً حقيقة المأزق الذي تقف فيه الدولة اليوم: أجهزة أمنية تطبّق الخطة الأمنية في المناطق التي حرّض عليها النائب ميشال عون: طرابلس وعرسال ووادي خالد، وبينها صيدا وعكار.. في حين أنّها تقف عاجزة حتى عن حماية المطارنة والآباء من بطش قطّاع الطرق المحميين من الممانعة إياها..

من هنا ندعو إلى تأمين الشفافية الكاملة في التحقيقات، خاصة بعد أنْ ثبت تدخّل «حزب الله» في إشعال فتنة عبرا وفي القتال الذي تلاها، معتدياً على دور الجيش وتاركاً ظلالاً من الشكوك حول حقيقة ما حصل في عبرا.

أخيراً:

إنّ الاستمرار في أحادية التعاطي الأمني، والتغاضي عن تورّط «حزب الله» في الحرب على الشعب السوري، وملاحقة شباب السُنّة المناصرين للثورة السورية، سيؤدي إلى استمرار الاحتقان، وإلى ظهور المزيد من الحالات اليائسة من الدولة ومن عدالتها، وتتّجه نحو الانعزال والتطرّف، في حين أنّ الواجب يقضي بتهدئة الأوضاع وتنفيس الاحتقان، والكف عن الاستفزاز والابتزاز السياسي والمذهبي.

 * رئيس هيئة السكينة الإسلامية