IMLebanon

لوحة التأليف ليست سوداء  

قفز »مرسوم التجنيس« الى الواجهة، وجاء نشره أول من أمس ليضع حداً لكل ما اثاره من ردات فعل وتعليقات توزعت بين رافض ومتحفظ ومؤيد، والجميع ينتظر ما ستؤول اليه استقصاءات المديرية العامة للأمن العام »ليبنى على الشيء مقتضاه..« هذا في وقت يثير التأخر في تأليف  الحكومة العتيدة، العديد من الاسئلة والتساؤلات، على رغم شبه اجماع الافرقاء اللبنانيين على وجوب الاسراع في استيلاد هذه الحكومة من رحم التوافقات المبدئية التي يتمسكون بها.. وهم ليسوا، على ما تدل الوقائع على مسافة واحدة من محطة التأليف، ويرمون كرة المسؤولية في ملعبي الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري..

 

اللافت، أقله حتى اليوم، ان الدعوات لاستعجال تأليف للحكومة، غالباً ما تأتي مقرونة بتحذيرات مما قد يتعرض له لبنان ويواجهه من أزمات في الداخل، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والمالية والتربوية، بل والامنية – بعد الذي يحصل في بعلبك الهرمل وما يمكن ان يحصل في جنوب لبنان على رغم تأكيد القيادات العسكرية والامنية »ان الوضع في لبنان ممسوك، وأن الاستقرار هو اليوم أفضل من أي وقت مضى..« من دون ادارة الظهر الى وجوب »تكثيف التدابير الامنية.. والى مزيد من الجهوزية والاستعداد للتصدي لكل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار..«.

سيبقى »مرسوم التجنيس« مادة سجالية أياً ما آلت اليه تحقيقات المديرية العامة للأمن العام.. تماماً كما الوضع الحكومي الذي من المتوقع ان تشهد الأيام المقبلة، نقلة نوعية، تنقل البلد من »تصريف الأعمال« الى »حكومة وحدة وطنية جامعة ولا تستثني أحداً من الافرقاء السياسيين.. ذلك على رغم ان الانتخابات النيابية الاخيرة، في السادس من ايار الماضي لم تكن نقلة نوعية بكل ما للكلمة من معنى، وان استحضرت حوالى السبعين وجهاً جديداً، الامر الذي يضع هؤلاء أمام امتحان بالغ الاهمية، والجميع يسأل وماذا بعد.. التطورات الدولية والاقليمية المتلاحقة، والتي لم يبقَ لبنان بعيداً عن تداعياتها، وأبرز دليل على ذلك مسألة النازحين السوريين التي تحتل مرتبة الاولوية في اهتمامات ومتابعات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون…

لا أحد يشك في أن الجميع يريد »الحفاظ على رأس البلد« وهم يتطلعون، على رغم كل السيناريوات المتنقلة من مكان الى آخر، الى ان يكون لبنان »أكثر مناعة« في مواجهة ما يدور من حوله من تطورات ومن بينها مسألة الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة (الكيان الاسرائيلي) وما يعنيه ذلك من تأثير على حقوق وثروات لبنان النفطية، وما يمكن ان يحصل في الداخل، ولكن، كل »على طريقته.. خصوصاً، وان مسألة »السلاح غير الشرعي« و»الاستراتيجية الدفاعية« و»قرارات السلم والحرب«، بقيت حاضرة في التداولات السياسية، في مواجهة »المثلث الذهبي، الشعب والجيش والمقاومة« الذي يتمسك به »حزب الله« وحلفاؤه..

في قناعة متابعين للاتصالات والمشاورات الجارية، خلف الكواليس، ان أبرز إشكالية تواجه تأليف الحكومة العتيدة تتمثل في ان كل فريق من الافرقاء السياسيين يريد الحفاظ على رأسه اولاً، كما يريد الحفاظ على مكاسبه التي تحققت مع الانتخابات النيابية الاخيرة.. بل يريد تعزيزها انسجاماً مع ما آل اليه حضوره النيابي، على نحو ما تشدد عليه »القوات اللبنانية«.. تماماً كما يحصل مع آخرين، لديهم التطلعات نفسها، وبدأت تظهر على الساحة بأبهى صورها، من مثل ما يحكى عن تمثيل »السنّة«، من خارج اصطفافات »المستقبل«؟! وايجاد مخرج لأزمة الثنائية الدرزية بين وليد جنبلاط  وطلال ارسلان..

تبقى »الثنائية المسيحية« – المارونية – المتمثلة تحديداً بـ»التيار الوطني الحر« وبحزب »القوات اللبنانية« وما يحكى عن »حصة خاصة« لرئيس الجمهورية مادة حيوية في السجالات والسيناريوات المتلاحقة، وموضع المتهم الاول بعرقلة ولادة الحكومة العتيدة، علي رغم المساعي التي يجري الحديث عنها، والتي يقوم بها »حزب الله« مع »التيار الحر« لفكفكة العقد، لأن المنطقة في مرحلة تحولات بالغة الأهمية لن يكون لبنان بعيداً عنها، والمطلوب الاستعجال في تأليف الحكومة، التي تبقى الضمانة الاقوى والاوفر، خصوصاً وان »العقوبات الاميركية« وضعت لبنان في مأزق غير محسوب النتائج.

يرى البعض، ان مستوى العلاقات بين »حزب الله« و»التيار الوطني الحر« بقيادة الوزير جبران باسيل تتعرض لاهتزازات، لكن هذه العلاقات باقية على نحو ما أعلن بعد اللقاء الاخير بين السيد حسن نصر الله والوزير باسيل، وقد شدد السيد نصر الله، على ما تقول المعلومات على وجوب الاسراع في تأليف الحكومة، وقد تعززت هذه الدعوة، أمس في كلمته بمناسبة يوم القدس العالمي.. وتوجهه الى الرئيس المكلف سعد الحريري بالدعوة للاسراع في انجاز هذه المهمة الوطنية.

يخلص هذا البعض، الى التأكيد على ان لوحة التأليف ليست سوداء، وان تخللها بعض الضبابية، وان كانت المخاوف السياسية مبررة، لكن وعلى ما دلت التجارب السابقة فليس من مصلحة أحد دفع البلد الى فراغ يتمدد ومفتوح على كل الاحتمالات..؟!