Site icon IMLebanon

ثقة الحكومة في ميزان المواطن!

 

تتجه الأنظار الداخلية نحو «حكومة العمل» التي تمّ انتظارها لوقت طويل، على أمل أن تتمكن هذه المجموعة من الوزراء، والتي تمثل أغلب الأحزاب والتيارات، على تناقضاتها، من وقف الانهيار الاقتصادي وتأمين الخروج الآمن من الأزمة المستفحلة منذ مدة، مع كل ما يعني ذلك من خدمات أساسية مفقودة أو على طريق الانقراض.

أما الأنظار الخارجية، فهي تراقب عن كثب أداء هذه الحكومة، حيث الأولوية المفروضة عليها هي إصلاحات جدّية وخطوات مقنعة لمكافحة الفساد، حتى يُطلق سراح قروض «سيدر» الميسّرة والتي يُعوّل عليها لبنان، شعباً وحكومة، للخروج من نفق الأزمة الاقتصادية المظلم!

إن السهولة الملفتة التي رافقت التوافق على البيان الوزاري، على عكس عراقيل مرحلة التأليف، تعني ببساطة أن البيان الوزاري لا يحمل أي جديد، خاصة في ما يتعلق بالملفات الخلافية وأهمها شرعية السلاح والنأي بالنفس، ولكن يبقى التحدي الأكبر هو بقدرة الدولة فرض الالتزام ببنود البيان الوزاري على اللاعبين الأساسيين في ظل أجندات متضاربة وصراع إقليمي ودولي محتدم!

أكثر ما يلفت في هذه التشكيلة الحكومية هو وجود كفاءات وطاقات جديدة ومندفعة لم تتلوث في وحول السياسة والصفقات، إلا أن أحداً لم يفلت من قبضة المحسوبية، وبالتالي يبقى مستوى الأداء مرتبطاً بأجندات الطرف الراعي وتوجهات ارتباطاته الإقليمية وحساباته الخاصة… ولم يعد التحايل السياسي ينفع مع المجتمع الدولي خاصة مع دخول «حزب الله» الحكومة بشكل مباشر ممسكاً وزارة ليست خدماتية وحسب، إنما تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية وبرامج الدعم الغربية، حاملاً معه أعباء العقوبات على إيران، والتي شملته بالتالي، واضعاً الحكومة برمّتها تحت المجهر!

فهل يلتزم النأي بالنفس أم أن خطاب الأمين العام، أمس الأول، أطاح به بعدما عرض ضم لبنان بمؤسساته الاقتصادية والخدماتيه والعسكرية إلى محور المقاومة، حيث تبدي إيران استعدادها لتقديم شتى أنواع المساعدات والدعم في مختلف الميادين، ولو كان يعني ذلك ضم لبنان للمواجهة مع العالم أجمع، وتعريضه للعقوبات التي يرزح تحت وطأتها حلفاء إيران؟

إن قدرة هذه الحكومة على رفع ضغوط الأزمات المعيشية والاقتصادية العديدة عن كاهل المواطن المنهك تحدٍ كبير، لا يقل عنه تحدي تحييد لبنان عن الصراع الأميركي – الإيراني والخلاف العربي مع سوريا بشكل موازٍ، لأن لا قدرة للوطن الصغير على سداد فاتورة هذا الصراع إلا على حساب استقراره وسيادته، بل وجود دولته ومؤسساته!

فهل تنجح الحكومة بالانصراف «إلى العمل» بعيداً عن التجاذبات، أم أن تجاوز الملفات الخلافية كان صورياً بغية التسريع بنيل الثقة، فيما يبقي كل فريق على أجنداته والتزاماته الخارجية إلى أن يحين وقت استثمارها؟

وهل يفلت المتاجرون بالإصلاح من دون خطوات جدية، خاصة أن الجميع يدين الفساد مما يطرح علامة استفهام حول هوية الفاسدين إذاً!! وكيف ستُحرّر الحاجات الملحة مثل الكهرباء والنفايات من قبضة الصفقات؟

تحديات كثيرة تنتظر الحكومة الجديدة، والمسؤولية الأكبر تقع على عاتق كل فريق سوّق نفسه على أنه معارض، وخارج منظومة الصفقات، داخل الحكومة وخارجها، ليكون  بالمرصاد ويكشف الحقائق من دون مواربة أو حسابات سياسية، وإلا ستكون خطط محاربة الفساد حلماً بعيد المنال، ولن تتجاوز كونها حبراً على ورق!!