Site icon IMLebanon

جريمة “نداء الوطن” أنها لبّت نداء الوطن

 

نستنكر، بالتأكيد. نستغرب، أبداً. فقد وصلنا إلى درك من التردي يجعل الحكام يضيقون حتى بأنفاس المواطنين. يخالون أنها زفرات اعتراض. والاعتراض ممنوع لأنه يقوّض الصورة. فكيف إذا كان الاعتراض عنواناً ينسف العنوان؟

فالحكام الذين ما كانوا ليصلوا بإرادة الشعب، وانما بالتعطيل ضغطاً ووصولاً إلى التسوية التي تلت التفاهم القائم على تغطية قضم لبنان ومصادرة سيادته لمصلحة الولي الفقيه، لا يحتملون من يُذَكِّرهم بهذا الواقع الذي لم تخترعه “نداء الوطن”، عندما اكتفت بتكرار ما قيل. لا أكثر ولا أقل.

بهذا المعنى، جريمة “نداء الوطن” انها لبت نداء الوطن. حققت عدالةً بقلم معصوب العينين عن “أمر اليوم” السائد إعلامياً بفعل القمع والرقابة التي تحولت ذاتية لزوم ما يلزم في وهم “العهد القوي”.

نستنكر، بالتأكيد. نستغرب، أبداً. المستغربون هم بطانة هذا “العهد القوي” من مهندسي التفاهمات المتعاقبة التي كانت تتم تحت الطاولة في بادئ الأمر، ثم فوقها عندما لم يعد ضرورياً للاستعانة بأوراق التوت.

وانتفاء صفة الضرورة لم يقتصر على أهل السلطة، بل استتبع بالاعلام، أو لعل فرض الأمر الواقع سابق وفاعل، بداية بالاغتيال الجسدي مع سمير قصير وجبران تويني، ومن ثم من خلال الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بالاغتيال المعنوي والترهيب والتخوين والجيوش الالكترونية غير الغفورة والبذيئة.

وعلى الرغم من كل الجهود، كان عنوان واحد كفيلاً بالاضاءة على هشاشة الواقع خلف الصورة. خافت البطانة وحركت قضاءً كان يجب أن يرفض الالتزام بما أملي عليه. إذ لا جريمة ولا مسّ بالذات الإلهية ولا تقويض للسلم الأهلي في العنوان.

لكن من يشيِّع لمفهوم “العهد القوي”، ويتستر على “الأقوى” ويغطيه بناء على دفتر الشروط، يعرف أن مجرد تكرار ما هو معروف وموثق بالصوت والصورة، إذا مر مرور الكرام، كفيل بإزاحة الستارة وكشف الكواليس النتنة للمسرح القائم على فريق كومبارس يحسب كل من فيه أنه الفتى الأول ونجم النجوم.

كان المطلوب من “نداء الوطن” أن تنخرط في اللعبة. وتكتفي، كما يراد للإعلام، بالمشاركة في الخلافات المتأججة بين أكلة الجبنة. كان الأجدى بها أن تركز على الوضع الاقتصادي وتتسلّى بفضيحة من هنا وهناك.

لكن أن تذهب إلى بيت الداء وتشخّص علّة الوطن الذي تحسب أنها تنطق باسمه، فهذا لعمر البطانة من الكبائر، التي لا يمكن التساهل حيالها. لذا لا بد من معاقبتها بغية تأديبها وتأديب الآخرين، وصولاً الى تدجينها. وإلا الإلغاء…

لكن هيهات ممن ينادي “حيا على الوطن”… الانصياع.