Site icon IMLebanon

سقوط الأسد وسقطة “الحزب”

 

منذ الأربعينات شكّلت سوريا عامل عدم استقرار للبنان. منها تسلّل الثوار والسلاح في “ثورة 58″، ثمّ جحافل “جيش التحرير الفلسطيني” بدءًا بالسبعينات.

 

المؤسف أن أحزابًا وتيارات لبنانية ارتهنت لنظام استبداديّ في سعيها إلى هدم الصيغة الأكثر ديمقراطية في محيطها العربي.

 

ومن حاول من معارضي “الصيغة” أن يبتعد عن الالتصاق بنظام آل الأسد كان مصيره النفي أو القتل أو العزوف.

 

سنة مضت على سقوط النظام، وإرثه الوحيد للأجيال المقبلة السجون والتعذيب والدمار، وقهر الشعب والعوز للرغيف.

 

تسارع الأحداث منذ سقوط النظام وهزيمة “حزب اللّه”، حالا دون إدانة مستفيضة وواجبة، فأفلت مريدو ذلك النظام من اللبنانيين من المحاسبة السياسية والفكرية إلّا في ما ندر.

 

ولكن إن ننسَ فلن ننسى قوافل العملاء الذين برّروا عمالتهم بأعذار أقبح من الذنوب. هناك من قال إن المشكلة مع النظام انتهت بانسحاب جيشه من لبنان، وسارع إلى نسج العلاقات معه تحت عنوان “حلف الأقليات”، وتغاضى عن تبعية ذلك النظام لمحور الممانعة وما يسبّبه هذا المحور من تهديد للكيان اللبناني في جوهر وجوده ودوره.

 

ومن سخرية القدر أن الذي احتلّ لبنان لعقود عاد إلى بلاده وسلّم مفاتيح سيادتها للحرس الثوري وروسيا، ولم ترمش له عين حين طالب الشعب بإصلاحات، بل اندفع إلى وحشية غير مسبوقة. عندما شاهدت فيديوات بشار الأسد وإلى جانبه مستشارة يضحكان على عناصر الجيش والسيارة تمرّ بين أطلال البلدات تساءلت أي عربدة هذه؟

 

واستنظرت من كل عميل بيننا أن يتلو فعل ندامة وعلى الملأ ووسائل التواصل الاجتماعي. في يوم وعسى ألا يكون بعيدًا سيسقط “حزب اللّه” سقطة فكرية وسياسية أشدّ وقعًا من سقطة سلاحه، فماذا عسانا نقول؟ وكيف نتعالى على سوابق أنه قتل من شعب سوريا الآلاف وتسبّب في قتل الآلاف أيضًا من ناسه ومن اللبنانيين على مدى عقود. و”قتل” الدولة بذريعة محاربة إسرائيل، وتبيّن أن أقوى وسائل ممانعته كانت تمنعه من عقد ربطات العنق كونها من اختراع الغرب الشرير.

 

لقد فتح بشار الأبواب لكلّ التنظيمات الأصولية السُنية لتدخل إلى العراق فارتدّت عليه، ثمّ استسلم لإرادة طهران ليعيش تحت رحمة “حزب اللّه” التنظيم الأصولي أيضًا بلونه الشيعي، ثمّ بعد خراب سوريا ركب الطائرة إلى روسيا. لقد سقط النظام و “البعث” حزب النظام، والسؤال كيف سيعيش عندنا “حزب السلاح” بعد سقوط السلاح؟

 

من نظريات عملاء الداخل قبل سنوات أن نظام الأسدين منع تقسيم لبنان، وكانت النتيجة دوام انقسام سياسي ومنع كل بوادر داخلية للتلاقي. وانتهت كذبة منع تقسيم لبنان إلى سوريا “مشلّعة” بين أكراد ودروز وسنة وعلويين. لقد كان ما كان ممّا “يجب أن نتذكره”، ونتذكر أن الحجر الأخير من “دومينو” الممانعة يفضل ألف مرة أن “يشلِّع” لبنان على أن ينضوي تحت جناح الدولة.

 

أيديولوجيته ونزعته الانتحارية المشوِّهة للواقعة الكربلائية، على عداء مستحكم مع حتميات التقدّم الإنساني. هناك كراهية للذات تريد أن تعمّم الكراهية على الآخر، كون هذا الآخر أكان في الشارع المقابل أو على بعد آلاف الكيلومترات، يمكن أن يجد مبررًا لإنسانيته بأن يحيا لا بأن يموت.

 

وفي هذا المجال، يجب أن نرصد بتمعن الأصوات التي تصدر عن رموز بيئة السلاح، والتي تأخذ الواقعة الكربلائية إلى واقعة أخرى لا تعني إلّا “عليَّ وعلى أعدائي يا رب”.