Site icon IMLebanon

الحكومة تواصل «الهروب»… والضرائب والتغاضي عن «الهدر الخيالي» يكشف «المصالح الخاصة»

 

تأكد بالوقائع والارقام والاليات التي اعتمدت للوصول الى تخفيض نظري للعجز في موازنة العام الحالي، ان كل ما أريد من وراء ما جرى الاتفاق عليه بين معظم القوى السياسية المشاركة في الحكومة هو ارضاء الصناديق والعواصم التي كانت تعهدت بتقديم قروض للبنان في مؤتمر «سيدر» واشترطت في مقابل ذلك ان تتخذ اجراءات لخفض الانفاق والعجز بحيث يكون كل ذلك على حساب متوسطي الحال والفقراء، وتخفيض رواتب العاملين في القطاع العام.

 

وبحسب مصادر سياسية، واخرى مالية واقتصادية – لم تجد في آليات تخفيض العجز سوى حسابات نقدية كما يفعل «المحاسبجي» – وان الهدف الخفي من وراء الاجراءات التي تم ادخالها الى مشروع الموازنة لخفض العجز وزيادة وارادت الدولة (ولو نظريا)، هو في حال جرى تسييل القروض، ولو ادى الامر الى زيادة الدين العام ورفع قيمة الفوائد عليه، في مقابل تدفيع المواطن فاتورة هذا التوجه مرتين، الاولى برفع الرسوم والضرائب غير المباشرة، والثانية برفع مبالغ المديونية العامة وفوائدها، وكلها تؤدي الى مزيد من الغلاء، ولو افضى تنفيذ المشاريع المقترحة او بعضها الى تحريك جزئي لبعض القطاعات.

 

وما يكشف عن طبيعة هذا التوجه لمعظمم القوى السياسية المشاركة في الحكومة، ان هذه القوى انغمست الى «اخمص اقدامها» في الاجراءات التي ادخلت في صلب مشروع الموازنة، وفق وزير سابق يملك الكثيرمن المعطيات عن دهاليز الهدر والسمسرات في الدولة، بحيث يؤكد ان هذه الاطراف تغاضت عن «سابق تصوّر وتصميم» عن حملة واسعة من الاجراءات والخطوات التي كان يمكن اللجوء اليها، ولا تحتاج الى «أعجوبة» أو وقت طويل لتظهير مردودها الى الخزينة، ان من حيث الحد من الانفاق غير المجدي، وان من حيث زيادات كبيرة في واردات الخزينة.

 

ولذلك يشير الوزير السابق انه اذا كان اعتماد الرؤية اقتصادية متكاملة تحتاج لوقت يمتد بين فترات معقولة واخرى لوقت أطول، فالحكومة بضغط وابتزاز من اكثرية الاطراف السياسية تجاهلت اللجوء الى خيارين اساسيين، كانا سيفضيان الى توفير مئات المليارات في الانفاق من جهة، ويدخلان في الوقت نفسه مئات مليارات الدولارات الى الخزينة.

 

1- الخيار الاول، هو في «غض النظر»عن ابقاء مئات المليارات اللبنانية في الانفاق كان يمكن الاستغناءعنها، من خلال ترشيد الانفاق غير المجدي والمحسوبيات السياسية والطائفية عبر الاتي:

 

أ- التمنع عن ادخال اي تخفيضات جدية في عشرات المرافق العامة والوزرات منها مثلاً ما يخصص لعشرات المؤسسات التابعة لرئاسة الحكومة، او ما يحصل في «اوجيرو» وشبكتي الهاتف الخليوي من صرف عشوائي خارج والمرافق بدءا من شركتي الخليوي، بينما كل اطراف السلطة على دراية كاملة بما يتم التصرف به من مبالغ خيالية من جانب كل هذه المؤسسات التي يفترض ان تتبع مباشرة للمراقبة.

 

ب- تجاوز هذه الاطراف للاسباب التي افضت الى تراجع كان مقدرا في موازنة العام 2018 من واردات للدولة.

 

ج- عدم اتخاذ قرار جدي ليس فقط حيال ما حصل من توظيف عشوائي لحسابات انتخابية العام الماضي بل الاصرار على ابقاء ملف التعيينات خاضع للمحاصصة السياسية والخزينة

 

2- الخيار الثاني، وله علاقة باجراءات كان يمكن ان تدخل الى الخزينة مئات مليارات الدولارات بدل فرض المزيد من الرسوم والضرائب غير المباشرة على الفقراء وذوي الدخل المحدود، بحيث يتوقف الوزير السابق عند بعض هذه الاجراءات وليس كلها ومنها الآتي:

 

– اولا: وضع آليات بسيطة ولا تحتاج الى منجمين «لفك رموزها» تؤدي الى الحد من التهرب الضريبي الجمركي بحيث يصار مثلا الى تسعير المنتجات المستوردة وفق السوق اللبناني وليس وفق الفواتير التي جرى التلاعب بها في الدول المصدرة، وكذلك وضع ضرائب على اصحاب المرامل والكسارات حتى ولو اتخذت اجراءات بوقف المخالفين عن العمل وليس فرض الف ليرة على سعر الارغيلة او مسائل اخرى تطال المواطن الفقير بحيث ان هذه الاجراءات السريعة يمكن ان تدخل الى الخزينة حوالى ملياري دولار سنويا، ويلاحظ الوزير السابق ان لجوء بعض الاطراف الى شعارات شعبوية من داخل الحكومة وخارجها تتعلق بتضخيم مردود اقفال المعابر مع سوريا هي مجرد شعارات لا تنطبق على واقع الامور خصوصا ان ما يجري تهريبه تراجع بشكل كبير بما ان المستفيدين الاساسيين هم لبنانيون من مناطق على مقربة من الحدود السورية.

 

– ثانيا: اعادة النظر بحملة واسعة من القوانين او المراسم السابقة بما خص املاك عائدة للدولة او المخالفات البحرية والنهرية بما يؤمن مبالغ ضخمة للخزينة.

 

واذ يشير الوزير السابق الى عشرات الابواب التي توفر للدولة مئات المليارات جرى التغاضي عنها يقول ان هذه السياسات التي ترجمت في مشروع الموازنة تظهر عمق الترابط ما بين معظم الممسكين بالقرار في الدولة وما بين الكتلة الضخمة من المنافع والمحاصصات الى «المافيات» التي تعتاش على حساب الخزينة واموال اللبناني الفقير.