لم يكن وقع الخلاف الحاصل بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، على موضوع تعيين حاكم مصرف لبنان الجديد ، مستحباً لدى معظم اللبنانيين، إن كان حقيقياً، او مضخما إعلاميا ، لانه اعطى انطباعا سلبيا عن علاقة غير سليمة بين الرئاستين الاولى والثالثة، في بداية انطلاقة العهد والحكومة ، التي كان يؤمل منها ان تكون واعدة، ومعبرة عن تطلعاتهم بالخروج من تداعيات الحرب الإسرائيلية المدمرة، والانقاذ من مسلسل الازمات المتراكمة، ومن هيمنة ونفوذ السلاح غير الشرعي، والنهوض بالدولة نحو الافضل.
مسؤولية الضجيج السياسي والاعلامي غير المبرر حول تعيين الحاكم الجديد ، يتحمله رئيسا الجمهورية والحكومة معاً، كُل من موقعه، لانه كان بالإمكان معالجة هذا الموضوع بعيدا عما حصل، وتجنب طرحه على التصويت، ولو تطلب حله وقتا اضافيا، تفادياً للصورة الباهتة التي تكونت لدى الرأي العام، عن الاداء السياسي الهش في ادارة السلطة .
ما حصل خلال الاسبوعين الماضيين، إن كان في مقاربة ملف تعيين حاكم المصرف المركزي، او تسريب اسماء مجلس إدارة تلفزيون الجديد، قبل عرضهم على مجلس الوزراء، عكس تردي الاداء الوزاري وانعدام المسؤولية لدى بعض الوزارء ، في ممارسة مهامهم، وبدد حيزا ولو جزئيا، من صورة العهد والحكومة التي تكونت لدى الرأي العام، والرهان بانطلاقة مبشِّرة، وفاعلة للدولة في مختلف المجالات.
بات من الضروري بذل الجهود المطلوبة لتجاوز التداعيات السلبية لعملية تعيين حاكم المركزي الجديد، واعادة تصحيح العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة، وانتظام عمل الحكومة وتسريع انطلاقتها ،بعيدا عن اساليب الصخب السياسي، وحسابات الربح والخسارة، او الاستقواء لأي منهما،او الدخول في متاهة امكانية كل منهما بممارسة صلاحياته بالتحكم بمجلس الوزراء اوتعطيله متي يشاء على حساب المصلحة العامة .
ما حصل ترك صورة تشاؤمية ومحبطة لدى الناس، والخشية من تراجع زخم تأييد انطلاقة العهد والحكومة الجديدة شعبيا وخارجيا، في مقاربة الملفات والازمات والقضايا المهمة والمعقدة، في ظل التطورات المستجدة، والقدرة على وضع الحلول اللازمة لها، والتوقعات من استنفاد هذا الزخم، اذا استمرت العلاقة بين الرئاستين الاولى والثالثة متوترة، فيما كان متوقعا ان يكون التعاون بينهما اكثر انتظاما واندفاعا عما حصل.
