Site icon IMLebanon

«مستشفيات المواجهة» لا تصمد أكثر من 72 ساعة في الحرب؟!

 

 

يستعد لبنان الصحي «احتياطاً» لأيّ طارئ قد يُشعل الجبهة الجنوبية. وزارة الصحة المعنية بوضع استراتيجية الوقاية الاستيباقية أدارت محرّكاتها، لمعالجة «الثغرات» في القطاع الصحيّ، والتأكّد من استعداد الطاقم الاستشفائي لاستقبال الجرحى والمصابين في حال طرقت الحرب الابواب. فبأيّ جهوزية تواجه المستشفيات تمدّد أحداث غزة الى لبنان؟ وهل الدول المانحة مستعدة لمدّ القطاع الصحي اللبنانيّ بحاجاته؟

ثلاثون مستشفى حكومياً على مساحة الأراصي اللّبنانية، تُعاني في غالبيتها من آثار الأوضاع الاقتصادية المترديّة معطوفةً على أزمة كورونا وانفجار المرفأ، فكيف لها الآن أن تقف في صف المواجهة المحتملة؟

 

في مقاربتها للواقع السائد حالياً، دعت وزارة الصحة رؤساء المستشفيات الحكومية الى اجتماع عُقد عبر تطبيق «زوم»، لرفع مستوى الجهوزية والوقوف عند حاجات ادارة تلك المستشفيات، فنقل مدراء هذه المستشفيات، قلقهم إلى المعنيين في الوزارة من امكانية الصمود في ظلّ شحّ معظم المواد الأساسية.

 

وانطلاقاً من هذا الواقع، تحدث وزير الصحة فراس الأبيض لـ«الجمهورية» عن أنّ «أكثر ما يقلق المستشفيات الحكومية، هو القدرة على تأمين مادة المازوت لتزويد المستشفى الطاقة الكهربائية والأوكسيجن للمرضى وكذلك الأدوية، والرواتب للطاقم الطبي… ناهيك عن الغموض المحيط بأي حرب محتملة، فلا أحد يمكنه التنبؤ بعدد الجرحى أو المصابين، كما انّ الأمور تختلف في حال انتقل الحديث من إصابات بالعشرات الى المئات». وهنا لفت الأبيض الى التفاوت في الإمكانات بين مستشفى حكومي وآخر تبعاً لحجم كل مستشفى.

 

وأشار الابيض الى أنّه تمّ خلال الإجتماع التأكيد لرؤساء المستشفيات أنّ الوزارة تعمل مع الجهات الدولية المانحة على تأمين عدد من المستلزمات الطبية الأساسية، كـ«الشاش الطبي والدواء وغيرها… وهي ستصل الى لبنان في القريب العاجل، على أن تصل دفعة ثانية منها في مرحلة لاحقة، ودائماً في إطار التحضير الاحتياطي».

 

ويرى الأبيض «أنّ جزءاً من الجهوزية، هو تحديد المستلزمات الأولية وإحصاؤها، ومنها على سبيل المثال المضاد الحيوي والسيروم..»، مشيراً، في الوقت عينه الى «أنّ الوزارة تأكّدت من أنّ هذه المستلزمات تكفي المستشفيات لنحو 3 أشهر». وطمأن الى أنّ الوزارة ستبقى الى جانب المستشفيات الحكومية، لعلمه أنّها غير قادرة على المواجهة وحيدة.

 

وعمّا اذا كانت هناك دول مستعدة لدعم لبنان، ومدّه بالمستلزمات الصحية اللازمة، لفت الأبيض الى «أنّ القطاع الصحي هو حق انساني ولا يجب أن يتأثر بأي خلافات أخرى، وهذا ما نشهده للأسف مع استهداف للمستشفيات في غزة، الأمر الخارج عن أي عرف أو قانون دولي».

 

وعمّا اذا كانت هناك خطّة بديلة في حال استهداف المطار، وهو المنفذ الوحيد في لبنان، كما حصل في سوريا أمس، حيث استهدف العدوان الاسرائيلي مطارين رئيسيين في العاصمة دمشق ومدينة حلب، فأيّ مصير للمساعدات حينها؟ أكّد الأبيض «أننا في إطار البحث عن آليات أخرى للوصول الى المساعدات».

 

وما حاول أن «يُجَمّله» الابيض، تحدث عنه بعض مديري المستشفيات الحكومية الذين أكّدوا أنّ عدداً كبيراً منها غير جاهز لأي حرب مقبلة. وحذّروا من مغبة الوقوع في كارثة في حال اندلعت اي حرب في لبنان، إذ أنّ التركيز والدعم يأتيان للمستشفيات الكبيرة فيما المستشفيات الحكومية الاخرى منسية أو مهملة.

 

وفي المعلومات، انّ الاجتماع ساده كثير من النقاش والتباين خصوصاً لجهة اعتراض بعض المديرين على التوزيع غير العادل للمساعدات طوال السنوات الماضية، الامر الذي أوصل المستشفيات الحكومية الى ما هي عليه اليوم.

 

وبحسب مصدر متابع لـ«الجمهورية» فإنّ المستشفيات الحكومية تفتقد المستلزمات الطبية الطارئة، ومنها مثالاً «إبرة الكزاز».. إضافة الى مستلزمات طبية أخرى مقطوعة وغالبيتها يتمّ دفع ثمنها بالدولار الفريش.

 

النقص ينسحب على الطواقم الطبية، إذ شهدت «مستشفيات المواجهة»، كما يُطلق عليها اصطلاحاً، نزوح بعض أفراد طواقمها الطبيّة، المحدودة أصلاً، الى مناطق أكثر أماناً في اليومين الماضيين، ومن ضمنهم عدد من الاطباء. كذلك الامر بالنسبة الى التقنيين الفنيين والذين غادر معظمهم الى الدول الأوروبية والخليجية نتيجة الأزمة المالية في البلاد، وهذه الفئة تُعنى بصون المعدات عند توقفها عن العمل في حال طرأ عطل مفاجئ، وهو طاقم ندر وجوده في ظلّ الوضع الراهن.

 

والأخطر من كل ذلك، هو النقص الكبير في المحروقات، فالمستشفيات استفادت من الهبة القطرية لتشغيل مولّداتها، ولكن عند حصول أي طارئ فإنّ مخزون المازوت لدى عدد كبير منها لا يتخطّى الـ 6 أيام، خصوصاً أنّنا في فصل الخريف، حيث تتقلّص قدرة الطاقة الشمسية على تزويد المستشفيات الكهرباء إلى حدود 40 في المئة وما دون.

 

كلّ ذلك، معطوفاً على عدم قدرة المستشفيات على تأمين المأكل والمشرب للمرضى، خصوصاً أنّ تسديد فاتورتهما بالدولار حصراً، وعند التسليم.

 

ويخلص المصدر الى التأكيد أنّ قدرة «مستشفيات المواجهة» على الصمود لا تتخطّى الـ 72 ساعة عند أي عداون على لبنان، مشيراً الى انّ المطلوب الذي سمعه وزير الصحة من المعنيين، هو فتح جسر جوي لمساعدات عاجلة لأنّ «درهم الوقاية خير من قنطار العلاج».