Site icon IMLebanon

البيئة السياسية غير المطابقة تؤدي إلى أسوأ أنواع التلوث

 

أُقفِلت على كل الجبهات والمعابر… هكذا كان يُقال في الحرب حين تكون الطرقات مقفلة أو تشهد قنصاً… اليوم في السياسة يبدو الوضع مشابهاً لِما كان عليه في الحرب:

مقفلة على كل الجبهات السياسية والمعابر.

كان يعوَّل على اللقاء بين رئيس الجمهورية والنائب السابق وليد جنبلاط، فخرج الأخير من اللقاء ليعلن تمسكه بموقفه.

كان يعوَّل على اللقاء بين رئيس الجمهورية والدكتور سمير جعجع، فجاءت الحرب المتبادلة بين التيار والقوات لتسقط الآمال بإحياء التفاهم، وجاء نشر جزء من وثيقة تفاهم معراب ليجعل هذا الإتفاق في عداد الموتى، والمعروف أنَّ نشر أي إتفاق من دون رضى المتوافقَيْن، يعني سقوطه.

كان يعوَّل على أن تكون الحصة السنيَّة في الحكومة للرئيس المكلف سعد الحريري، على أن يسمّي رئيس الجمهورية وزيراً سنيَّاً من حصته فيسمي الرئيس الحريري وزيراً مسيحياً، لكن جاء لقاء المعارضة السنيَّة المؤلفة من ستة نواب سنَّة، في منزل الرئيس الراحل عمر كرامي، ليضع عقبة جديدة أمام عملية التشكيل.

حتى أنَّ الثنائي الشيعي الذي لم يكن لديه أو معه أية مشكلة منذ استشارات التكليف والتأليف، عاد إلى التصعيد، وهذا ما عبَّر عنه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل من خلال قوله:

نحن لنا أكثر بكثير مما قبلنا به في الحكومة، ونحن قدمنا ما علينا فلا تجعلونا نعيد الحسابات ونعيد طرح الموضوع على أساس القواعد التي وضعتموها، لأنَّ ما نريده هو الخروج من المأزق الحقيقي الذي نعيشه ونمر به.

هذه عيِّنة من التعقيدات، فهل هناك أزمة أكبر من هذه الأزمة؟

لأنَّ السياسة أم الملفات فإنه حين تكون مقفلة في السياسة، فهذا يعني أنها مقفلة على كل المستويات، وهكذا نكون قد وصلنا إلى ذروة أنواع التلوث وهو التلوث السياسي الآتي من بيئة سياسية فاسدة، والتي تترجَم بالوقائع والمعطيات التالية:

تشويه في الممارسة السياسية والحكومية في مرحلة تصريف الأعمال، وهناك وقائع مثبتة إلى درجة أنَّ الرئيس سعد الحريري أصدر بيانين منفصلين ذكَّر فيهما الوزراء بوجوب الإلتزام بحدود تصريف الأعمال، وأنَّ أيَّ قرار سيوقعه أي وزير يجب أن يرفع مسبقاً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ليأخذ موافقة مسبقة عليه… أين الإلتزام بتوصية رئيس الحكومة؟

هناك أكثر من وزير يوقِّعون قرارات ويصدرون مراسيم غير آبهين بما طلبه رئيس حكومة تصريف الأعمال؟

أليس هذا تلوث سياسي آتٍ من بيئة وزارية فاسدة تشوِّه القرارات والمراسيم؟

هذا غيض من فيض البيئة السياسية غير النظيفة التي تؤدي إلى اختناقات في مرور المعالجات، وفي الإنتظار، البلد يكتوي بلهيب تموز ولهيب انقطاع الكهرباء ولهيب كلفة المولِّدات، إلى أن تنفرج، ولكن متى؟