Site icon IMLebanon

أهمية البحر الأحمر في الحصار الإسرائيلي

 

إن للبحر الأحمر أهمية اقتصادية وعسكرية وأمنية, إذ يمرّ عبره حكماً أكثر طرق الملاحة البحرية الدولية حيوية في العالم، وتعتبر الدول المشاطئة له من أهم المراكز العالمية لإنتاج موارد الطاقة, وتمثل مضائقه وجزره نقاطاً استراتيجية أمنية، مما جعله موضوع صراع إقليمي ومحل تنافس بين القوى العالمية الكبرى ومركزاً لإحتشاد القواعد العسكرية.

يطلّ على البحر الأحمر 8 دول، اليمن والسعودية من جهة الشرق، الأردن وفلسطين المحتلة وشبه جزيرة سيناء المصرية من الشمال، ومصر والسودان وأريتريا وجيبوتي من الغرب, وتملك المملكة العربية السعودية أطول ساحل على البحر الأحمر تليها مصر ثم أريتريا والسودان ثم اليمن وأخيراً جيبوتي، أما فلسطين المحتلة والأردن فشواطئها قصيرة جداً وتقع أقصى خليج العقبة. يزداد البحر الأحمر عمقاً في الوسط حيث تصل أعمق نقطة فيه الى ما يقارب 3 آلاف متراً، في حين يبلغ متوسط عمقه ما يقارب 500 متر، ويبلغ طوله من جنوب السويس الى مضيق باب المندب حوالي 1930 كيلومترا.

 

أما السؤال المطروح كيف يلحق البحر الأحمر الأضرار بإسرائيل عبر الحوثيين المتمركزين في اليمن والداعمين بشدّة لمقاومي حركة حماس الذين يتصدّون للجيش الصهيوني في غزة الأبيّة؟ وبإعلان الحوثيين منع مرور السفن المتجهة الى إسرائيل، دخل موقف اليمن في نصرة غزة وهذا الدخول يشكّل دعماً إضافياً لحركة حماس في غزة المنكوبة بحجرها وبشرها، من هنا كانت إسرائيل تواجه حصاراً بحرياً شبه كامل لأول مرّة في تاريخها يعزلها عن أهم ممرّ مائي فيه سفنها ووارداتها وصادراتها منذ عقود. فالقرار الحوثي جعل إسرائيل تواجه أزمة استراتيجية تتعلق بأحد أهم مرتكزاتها الإستراتيجية التي بَنَتْ أمنها القومي عليها، فإغلاق البحر الأحمر من ناحية يخنق إسرائيل ويعزلها عن أسواق صادراتها في أفريقيا ومن بعض آسيا ويعزلها عن تحالفات بحرية أنشأتها مؤخراً، ومن ناحية أخرى برفع كُلَف الشحن عليها جرّاء سلوك سفنها المتجهة إليه عبر طرق شحن طويلة. فبالنسبة لإسرائيل فإن إغلاق البحر الأحمر الذي تعتبره تل أبيب شريان الحياة الأساسي لتجارتها البحرية، لا تنحصر على المستوى الاقتصادي بل تمتد الى مستويات استراتيجية.

 

كما أن البحر الأحمر يعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لإسرائيل كونه الممر المائي الوحيد الذي يربطها مع خطوط التجارة في آسيا وأفريقيا، ويقال أن 98 بالمائة من صادراتها و12 بالمائة من وارداتها تمرّ عبر هذا البحر. وتقدّر الصادرات السنوية بأكثر من 20 مليار دولار سنوياً. وللإسرائيليين أحلام قديمة في البحر الأحمر, عبّر عنها بن غوريون مؤسس الكيان الإسرائيلي الغاصب وأول رئيس وزراء لإسرائيل بمقولة «إنني احلم بأساطيل داوود أن تمخر عباب البحر الأحمر، ويضيف بن غوريون اننا محاصرون برّاً، والبحر الأحمر هو طريقنا الرئيسي للمرور الى يهود العالم والاتصال بهم. وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، خلال حرب 1973، أبا إيبا قد قال ان أمن إسرائيل محدّد ببقاء مخرجها الأمني الحرّ الى البحر الأحمر وبأنها ستدافع عنه بأي ثمن. أما شمعون بيريز والذي كان يشغل حينها «آذار 1973» وزارة المواصلات ثم تولّى رئاسة الكيان العبري الغاصب، قال، البحر الأحمر هو أهم خط للمواصلات البحرية الإسرائيلية. ومنذ فترة قصيرة وللتذكير فقط كانت صحيفة «ذا ماركر» الاقتصادية العبرية التي تنشرها مجموعة «هآرتس» الإسرائيلية قد سلّطت الضوء على تداعيات التهديدات اليمنيّة التي تواجهها السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب، والتي يواجهها أيضاً ميناء إيلات، وتأثيرات تلك التهديدات على سلاسل التوريد وحركة الشحن وأسعار السلع والبضائع. يقول التقرير أن الهجمات على السفن ذات الإرتباط الإسرائيلي تؤدي الى إطالة مسارات الشحن لسفن الشحن وقد تجعل المنتجات الكبيرة مثل السلع الكهربائية أكثر تكلفة، وقد تجفّ تماماً من الأسواق. ان تعرّض السفن المرتبطة بإسرائيل قد يضرّ بجيوبنا جميعاً. إن محاولات الإستيلاء على السفن والتي نجح بعضها تعيق سفن الشحن القادمة من الشرق الأقصى والتي تشق طريقها الى إسرائيل من التحرك في طريقها المعتاد الذي تمرّ عبره قناة السويس ومضيق باب المندب (وهو بين اليمن وجيبوتي وأريتريا ويربط بحر العرب بالبحر الأحمر). يؤدي المرور عبر البحر الأحمر الى تقصير الرحلة من آسيا الى إسرائيل بشكل كبير ويمكن لطريق بديل عبر المحيط الأطلسي حول الدول الأفريقية أن يطيل الرحلة لمدة عشرة أيام على الأقل. ان 30 بالمائة من التجارة الى إسرائيل تمرّ عبر مضيق باب المندب.

ويوضح جيورا فلونسكر، نائب رئيس شركة مارش إسرائيل الفرع الإسرائيلي لأكبر وسيط تأمين في العالم والذي نشط في 140 دولة، ان الحرب تزيد بطبيعة الحال تكاليف الإستيراد، حيث يقول ان حالة الحرب التي نعيشها أدّت الى ارتفاع الأسعار أو عندما نؤمّن البضائع أو السفن يتعيّن علينا شراء تأمين ضدّ مخاطر الحرب، وعادة ما يتم منحه تلقائياَ مقابل قسط التأمين، وفي أوقات الحرب يمكن لشركات التأمين إلغاء هذه التغطية بإشعار مسبق مدته سبعة أيام، وقد رأينا بالفعل هذا يحدث كثيراً وبناء على ذلك بالفعل في بداية الحرب قفز سعر التأمين بنسبة 300 بالمائة جراء مخاطر الحرب. يقول جدعون غولير المدير التنفيذي لميناء إيلات، إن ميناء إيلات بدأ يفرغ بالفعل، لن تصل السيارات بعد الآن وسنخسر بقية السفن ونصدّر المواد الكيمائية من أشياء أخرى.