Site icon IMLebanon

استقالة الحكومة منطقية بعد تقصيرها بمنع حصول الكارثة.. والضغط يتزايد نيابياً لخطوة مماثلة

 

كان أمراً منطقياً بعد فداحة الخسائر البشرية والمادية التي أحدثها زلزال انفجار المرفأ الثلاثاء الماضي، وما نجم عنه من جريمة مروعة أودت بحياة ما يزيد عن 160 شهيداً، وأكثر من ستة آلاف جريح، إضافة إلى ما يقارب ثلاثمائة ألف مشرد، تضررت منازلهم بشكل كبير، أن يُقدم الرئيس حسان دياب على تقديم استقالة حكومته التي لم تعمر سوى ستة أشهر، بعدما أرخت التداعيات بثقلها بقوة على المشهد الداخلي في الأيام التي تلت الانفجار الرهيب، فكان من الطبيعي بعد الهجوم العنيف الذي تعرضت له الحكومة، أن يبادر عدد من الوزراء إلى تقديم استقالاتهم كما حصل في الساعات الماضية، وهو أحد المطالب الأساسية للبنانيين الغاضبين من تقاعس الحكومة، وعجزها عن القيام بأدنى واجباتها، بعدما أظهرت التقارير الأمنية والمراسلات، أنّ الرئيس دياب كان على علم بشحنة نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في العنبر رقة 12، ولم يتخذ الإجراءات المطلوبة لتجنب الكارثة التي ضربت بيروت، توازياً مع تقديم عدد من النواب استقالاتهم من البرلمان، رفضاً لتردي أداء المؤسسات الدستورية، وفي مقدمها مجلس النواب الذي يطالب «اللقاء الديمقراطي» ومعه بعض الحلفاء، بتقصير ولايته والعمل على إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، خارج القيد الطائفي.

وقد تسارعت، أمس، وتيرة الاتصالات والمشاورات بين القوى المعارضة، للبحث في إمكانية تقديم استقالات جماعية من المجلس النيابي، وهي خطوة جدية يعمل عليها بين هذه القوى، لكن وبحسب المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» من أوساط نيابية معارضة، فإن لا قرار واضحاً للسير بهذا الخيار حتى الآن، بانتظار ما ستسفر عنه هذه الاتصالات والمشاورات، وما يمكن أن يحدث بعد استقالة الحكومة، وإن حاول الرئيسان ميشال عون وحسان دياب، قبل الاستقالة، إحداث صدمة داخلية، بإحالة جريمة المرفأ إلى المجلس العدلي، بعد أسبوع على وقوع الكارثة، فيما كان يفترض أنّ تتم الإحالة بعد يوم أو يومين على أبعد تقدير من حصول الكارثة.

وتشير المعلومات، إلى أن الضغط الشعبي الذي أدى إلى استقالة الحكومة بعد كارثة المرفأ المروعة التي سقط بنتيجتها هذا العدد الضخم من الشهداء والجرحى، وما حصل من تدمير طال ما بين ثلاثين وخمسين ألف منزل في العاصمة وضواحيها، سيتصاعد في اتجاه دفع الكتل النيابية إلى تقديم استقالات نوابها، رفضاً لكل هذا النظام القائم الذي يتحمل مسؤولية الأزمات التي تعصف بالبلد منذ سنوات طويلة. وفي هذا الإطار، تتجه الأنظار إلى مواقف الكتل النيابية التي ستقول كلمتها من موضوع الاستقالة، في وقت بدأ الحديث في الصالونات السياسية عن مرحلة ما بعد استقالة الحكومة التي ستتولى تصريف الأعمال لأشهر، ريثما يصار إلى الاتفاق على العناوين السياسية للمرحلة المقبلة، وسط تزايد الحديث عن أنّ التوجه هو لتشكيل حكومة وحدة وطنية، انسجاماً مع الطرح الذي تقدم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال لقائه مع القيادات السياسية في قصر الصنوبر.

ولا تجد أوساط نيابية كما تقول لـ«اللواء»، أنّ الطريق معبدة أمام ولادة حكومة وحدة وطنية، بالسهولة التي قد يتصورها البعض، وإن كانت مطلباً فرنسياً وأوروبياً، بانتظار اتضاح الموقف الأميركي على حقيقته من هذا الطرح، باعتبار أنّ حكومات الوحدة الوطنية لم تكن تجربة مشجعة، بدليل قصر عمرها نتيجة ما تظهره الممارسة من خلافات بين مكوناتها، خاصة وأن العديد من القوى السياسية في الموالاة والمعارضة، لا يبدو متحمساً لهذا الخيار الذي قد تحاول باريس فرضه على القيادات السياسية، في حال قررت استضافة حوار بين اللبنانيين، لرسم معالم المرحلة المقبلة وفق تصور سياسي شامل، على ما تحدث عنه الرئيس ماكرون في زيارته الأخيرة، الأربعا الماضي، والذي من المتوقع أن يعيد طرحه في زيارته الثانية في الأول من الشهر المقبل.

وتشير الأوساط، إلى أن المؤشرات لا توحي بأن تشكيل حكومة جديدة، سيكون في وقت قريب وبالرغم من خطورة الظروف التي يمر بها لبنان، وبالتالي فإن فترة تصريف الأعمال التي ستتولاها الحكومة المستقيلة، ستكون مناسبة لأن يصار إلى تحضير الأجواء السياسية، من خلال اتصالات داخلية وإقليمية ودولية، لولادة حكومة جديدة موثوقة ومدعومة من الداخل والخارج، تأخذ على عاتقها إنقاذ لبنان من الانهيار المحتوم، بالتزام تنفيذ الإصلاحات التي تلكأت الحكومة المستقيلة من القيام بها، وهو ما شدد عليه مؤتمر الدعم الدولي للبنان، بعد كارثة المرفأ، باعتبار أنّ هذه الإصلاحات وحدها الكفيلة بحماية لبنان من الغرق.