Site icon IMLebanon

العدو المتفرعن  

 

 

في التراث الشعبي مثلٌ سائرٌ شهير، ورد بصيغة السؤال والجواب على النحو الآتي: «يا فرعون مَن فرعنك؟». ويأتي الجواب: «فرعنت، وما حدى ردّني»! وهذه حال العدو الصهيوني الذي يتفرعن ليس فقط على أهل المنطقة والإقليم فحسب، بل كذلك في العالم كله، وبالذات على وليّ نعمته الأميركي الذي يزوده بكلّ شيء، من أشياء مقوّمات الحياة واستمرارها.

 

وليس ثمة من حاجة أو ضرورة للدخول في التفاصيل، إذ إن الممارسات الوحشية والتجاوزات للقيم الإنسانية والأخلاقية على أنواعها، وخرق المواثيق والمعاهدات الدولية والقرارات الأممية(…) هي دأبه اليومي. وفي وقتٍ يبدو هذا العدو الصهيوني قاصراً عن تحقيق هدفه المركزي في عدوانه الهمجي على قطاع غزة، فإنه يتصرّف وكأنه حقق كل شيء، وربما جاء تصرفه على قاعدة: أنا مَن يأمر وينهى… والدليل على ذلك متوافر بلا حدود، ونكتفي بالإشارة الى بضعة أمور يمكن أن نجدها في الأربع والعشرين الساعة الماضية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

 

أولاً – الاعتداء بالإغارة على منطقة القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق وسقوط سبعة قياديين من فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. وما يمكن استنتاجه، من هذه القرصنة الفاقعة، واحدٌ من ثلاثة احتمالات وربّـما كلها معاً: إمّا أن الكيان العبري في فلسطين المحتلة لا يكترث لردة الفعل الإيرانية المحتمَلة، وإمّا لأنه لا يتوقعها أصلاً، وإمّا إنه يريد استدراج طهران وحلفاءها في المنطقة الى مواجهة واسعة، يلهث نتانياهو وراءها للأسباب العديدة التي باتت معروفة.

 

ثانياً – الجريمة التي ارتكبها العدو بحق إحدى المنظمات الأممية الإنسانية التي تساعد في تقديم وتنظيم آلاف الوجبات الغذائية في غزة وسقوط سبعة من عناصرها من الذين يؤدّون مهمة إنسانية جليلة أكثر ما يكون الغزّاويون في حاجة ماسّة إليها، في هذه الظروف بالغة القسوة والشدّة، تحت وطأة الحصار الوحشي والتجويع الخ… ومع ذلك يستطيع الاحتلال الصهيوني أن يرتكب هكذا إجراماً موصوفاً من دون أن يرف جفنٌ لأيٍّ من أركانه. والأفظع أن المنظمة الأممية سبق لها أن أبلغت، سلفاً، الى الصهاينة بمكان نشاطها وأطلعتهم على خريطة تحرك عناصرها. وأما بيانات الاستنكار الدولية التي تتغرغر بها حناجر أراكين هذا الزمن البشع، في مختلف العواصم، فـ «على دَينة» الصهاينة. وأما أن يطلب الأميركي من الصهاينة (بخجلٍ يلامس الاعتذار) «توضيحاً»، فهذا ذروة النفاق.

 

ثالثاً – وأخيراً، وليس آخراً، لم يكتفِ العدو الصهيوني باستخراج الغاز من حقل «كاريش»، اذ ضاعف الكمية المستَخرَجة بما يتجاوز الخمسين في المئة، فيما نحن عاجزون عن ان نأخذ موقفاً من الجهة الموكَل اليها التنقيب لتخلّفها عن القيام بموجبات العقد بين لبنان وبينها، ونتلهى بالأحقاد والضغائن و … أكل الهواء!

 

وبعد، هل مطلوب المزيد لنعرف لماذا تفرعن الفرعون؟!.