IMLebanon

للتلاقي والحوار.. والافادة من التجارب السابقة  

 

مع عودة الرئيس سعد الحريري من زيارته الخارجية، يتوقع البعض ان تشهد حركة تأليف الحكومة العتيدة بداية عودة الى الحياة بعد ركود لافت وغير مسبوق، تحت وطأة التعقيدات المتعددة الاشكال والمصادر..

 

بعض المطلعين على مسار الأمور من »داخل البيت« غير متفائلين بحلول ومخارج في وقت قريب.. وهم باتوا على قناعة، ان حل العقبات الرئيسية ليست في يد أفرقاء الداخل خصوصاً وأن الساحة اللبنانية تشهد حروبا محورية سياسية واعلامية لا تقل خطورة عن الصراعات المسلحة التي تدور في بعض دول الجوار الاقليمي، بالنظر لما تتركه هذه الصراعات من اثار سلبية وخطيرة على الواقع الاقتصادي والمالي والمعيشي والاجتماعي، بل والامني في هذا البلد.. الامر الذي اثار لدي العديد من الدول الاوروبية (الصديقة للبنان) مخاوف حقيقية، واعدة بأنها ستبذل أقصى الجهود مع دول الاقليم النافذة من اجل المساعدة على اخراج لبنان من أزمته.. من دون ان تلمس تجاوباً في ذلك؟!.

رمي المسؤولية على الخارج ليس في محله، وان كان من الصعب فصل الداخل عن الخارج.. لكن بعض التجارب السابقة، أثبتت ان فرنسا – من ضمن المجموعة الاوروبية – (على سبيل المثال لا الحصر) تملك أوراقا دولية واقليمية مؤثرة ساعدت في أوقات سابقة على حلحلة العديد من العقد مع دول عربية..

عاد الرئيس الحريري من زيارته الباريسية (ليل أول من أمس) ولم يظهر أي جديد بعد خصوصاً وان الساحة الداخلية اللبنانية، باتت شبه فاصلة سياساً، فلا أفكار حلول، ولا مخارج، ولا صيغ جديدة، بل على العكس من ذلك حيث يتبادل العديد من الافرقاء رسائل قاسية لا تبشر بالخير، ولا تعمل على ترميم ما حدث من تباينات وانقسامات؟!. وهي وقائع لا يمكن التسليم بها وكأنها قدر، ولا يمكن الركون اليها في ضوء ما يحصل من تطورات في المحيط الاقليمي، وبالأخص في سوريا..

العودة الى الصيغ التحالفية السابقة، والموزعة بين 8 و14 آذار، يضر ولا ينفع في رأي متابعين لمجرى التطورات والاحداث.. فالبلد بحاجة الى المزيد من اللحمة والتعاون ومقاربة واحدة للملفات الوطنية السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والانمائية وغيرها.. ولا يكون ذلك بغير »حكومة وحدة وطنية« لا تستثني أحداً كل بحسب حجمه التمثيلي نسبة الى النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية الاخيرة.. مع حق كل فريق بالاحتفاظ بخصوصيته ومنهجه وبرنامج عمله وادائه، شرط ان لا يتجاوز ذلك حدود الامن الوطني والسلامة العامة ووحدة اللبنانيين..

يبدي كثيرون أسفهم، لأن بعض »التفاهمات« التي حصلت بين أفرقاء من »عجينة واحدة« باتت تتقدم على المصلحة الوطنية العليا، وبرعايات خارجية متعددة المصادر.. على نحو ما يحصل في مسألة تأليف الحكومة، حيث ظهر الى العلن، ما كان مخفياً عن سابق اصرار وتصميم.. ما يعني ان كسر حلقات التعقد لم يحن أوانه بعد، او هو فوق ارادة المعنيين.. والمنطقة مقبلة على تطورات من الصعب معها الحديث عن تسهيلات..

يحيط الرئيس الحريري زيارته الاخيرة لفرنسا بكثير من السرية، وهو على  علاقة وطيدة وراسخة مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي لعب في وقت سابق دوراً بالغ الاهمية في تحرير رئيس حكومة لبنان وعودته سالما معافى الى أهله وانصاره وبلدة.. ومع ذلك فقد نفى الحريري ان يكون طلب وساطة الرئيس الفرنسي مع السعودية.. فما هو حاصل اليوم، على المستوى الاقليمي – الدولي يجعل مهمة الفرنسيين أكثر صعوبة، ما يستدعي من الجميع »تدوير الزوايا« والكف عن سياسة المزايدة في التعقيدات، كل على طريقته، وبما يعزز غرائز بيئته؟!..

الانظار تتجه الى ما يمكن ان تحمله الساعات والأيام المقبلة.. خصوصاً على مستوى استئناف التواصل بين بعبدا و»بيت الوسط«، وقد حسم رئيس الجمهورية خياراته، كما والعديد من القوى السياسية، المتحالفة معه.. ورمى مسؤولية التأليف على الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي قيل إنه أعد سلسلة صيغ لم تلق قبولاً من الرئيس عون، سواء ما يتعلق بـ»الثنائي الماروني« (»القوات اللبنانية«) و»التيار الحر«، ام بالعقدة الدرزية، وهي عقد تراوح مكانها، وقعت عديدين الى المطالبة بالخروج عن صيغة »حكومة الوحدة الوطنية« الى »حكومة اكثرية«، لا تلقى قبولاً من الخارج، كما وتواجه معارضة من الداخل، على خلفية رفض اقصاء أي فريق والخروج على »الميثاقية«؟!

أمام هذه الصورة الدولية – الاقليمية – المحلية العابقة بتطلعات بعيدة المدى، يتطلع عديدون الى ما يمكن ان يحمله الرئيس المكلف، وهو يقر بأن »لبنان يمر في فترة صعبة جداً بالنظر الى ما يجري حولنا في المنطقة.. ولكننا نجحنا في تجنيبه هذه الخضات.. ونريد ان نظهر للعالم الرسالة التي يحملها لبنان، وهي أنه بلد الانصهار والتعايش والتفهم والسلام والاستقرار..«.

التلاقي ضرورة، الحوار المجدي ضرورة، الافادة من التجارب السابقة ضرورة.. وقد تأكد للجميع »ان لا قيامة للبنان من دون الحوار والتوافق على انهاء الازمة، التي ستبقى اذا ما تشبث كل فريق برأيه وبقي متمسكاً بما يراه حقوقاً ومكاسب..