Site icon IMLebanon

لوقف هذه المأساة

في خضم هذا السيل الهائل من الكلام حول قضية العسكريين وعناصر قوى الأمن المظلومين في الإختطاف… وقد شارك فيه من يعرف ومن لا يعرف، من له علاقة، ومن لا علاقة له، من هو صادق ومن هو كاذب، من هو أمين ومن هو مراوغ… في خضم هذا الكمّ المتدفق من الكلام والبيانات والتصريحات استوقفني أمس ما قالته والدة الشهيد المظلوم علي البزّال التي كانت الحرقة قد إختطفت صوتها أو كادت أن تخنقه!

قالت والدة الشهيد:

كنت قد أعددت لإرسال شقيق علي ليلتحق بالمؤسسة الأمنية، ولكن بعد ما تعرّض له علي (ولدها الشهيد) قرّرت أن يلتحق شقيقه بالحزب، لأنّ الأحزاب تعرف كيف تدافع عن المنتسبين إليها، بينما الدولة فشلت في أن تدافع عن أبنائها والمنتسبين الى أسلاكها العسكرية والأمنية…

مثل هذا الكلام يحقق أهداف وغايات الخاطفين ومن يقف وراءهم. وما قالته والدة الشهيد المفجوعة بات حال شبه عامة في البلد. ومن لا يقر بهذه الحقيقة يجافي الواقع. حتى الناطق بإسم بلدة الشهيد أعلن، أمس، من على منبر كبير خلال تقبل التعازي: تاراتنا (الأخذ بالثأر) باتت في السراي، لدى الحكومة!

وهذا كلام خطير.

نحن نعرف أن حزب الله تدّخل بقوة ليسحب الكلام عن الثأر من عرسال، وهو نجح في ذلك، خصوصاً أن عرسال بلدة لبنانية يفترض أن تكون الدولة موجودة فيها وتتحمل مسؤوليتها المزدوجة: أولاً في وقف أي علاقة مع الإرهابيين إذا وجدت، ثم  حماية أهل هذه البلدة من الإرهابيين ومن سواهم أيضاً.

ولنعترف:

إنّ سوء إدارة هذا الملف الحساس والخطر أدّى إلى أن يتولى الإرهابيون الخطف والذبح والإبتزاز وتعطيل الحياة العامة في البلد، ثم نتبادل، نحن اللبنانيين، الإتهامات، وتسعير الصراعات في ما بيننا على مختلف الصعدان.

نحن مع الذين يقولون الآتي في هذا الملف الموجع:

أولاً – وقف همروجة القيل والقال فوراً، إن لم يكن بإسم القانون فأقله بإسم الوطنية، وبإسم الشهداء، وبإسم الأوجاع والدموع والقهر والظلم.

ثانياً – عدم الإتكال على الغير في هذا الموضوع الحساس… وعدم تسليم الملف الى أي جهة خارج الإطار الرسمي… بما في ذلك العلماء الذين لم يطلع معهم، أمس، سوء التهجم على الحكومة وعلى الرئيس تمام سلام!

ثالثاً – إعادة تشكيل خلية الأزمة على قاعدة العمل السرّي بعيداً عن الأضواء كلياً… وترك المفاوضات المباشرة تأخذ مجراها فلا يعلن بنتيجتها إلاّ… النتيجة مهما كانت!

رابعاً – هل من حل خارج الآتي: (1) المفاوضات المباشرة – (2) أو شن هجوم عسكري فاعل على الإرهابيين وأماكن وجودهم معروفة – (3) أو تلبية مطالب الإرهابيين فوراً.

أما أن تستمر هذه المعاناة التي لا أفق لها حتى ذبح آخر عسكري وعنصر من المختطفين فهذا ما لا يجوز ولا يقره عقل أو منطق.

لا يفيد اليوم فتح الملف من أوله… من إستضافة أبو طاقية الجنود والأمنيين حتى «التنافس» غير المقبول بين وزراء ومسؤولين، بما في ذلك أدوار قطر وتركيا وسواهما…

ما يفيد خيار حاسم أمني أو تفاوضي تتخذه الدولة… كائناً ما ستكون النتيجة.