Site icon IMLebanon

ورقة توم براك ما لها وما عليها.. تثبيت كيان الدولة اللبنانية أولوية.. والأهم لا خلاف داخلياً على المبادئ والأهداف

 

 

لوقت ليس بقصير، ستبقى ارتجاجات قرارات مجلس الوزراء اللبناني، في ما خصَّ حصرية السلاح، وجمع السلاح غير الشرعي، وتكليف الجيش اللبناني، وضع خطة قبل نهاية الشهر الجاري تقضي بالانتماء من هذه المهمة قبل نهاية العام، بحيث يدخل لبنان، الى العام 2016، ولا سلاح غير شرعي، لا بأيدي الأحزاب، أو الحركات أو المجموعات، أو حتى الأفراد.

في جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي في 7 آب استكمالاً لجلسة مجلس الوزراء الثلثاء قبله في 5 آب، اتخذ المجلس قراراً، من دون تغطية الفريق الشيعي الممثلي لحركة «أمل» وحزب الله، فضلاً عن الشيعي الخامس، غير المسمى من هذين الطريفين، فادي مكي، والذي آثر الانسحاب مع زملائه الثلاثة، تمارا الزين ومحمد حيدر وركان ناصر الدين، على اعتبار ان الوزير الشيعي الخامس ياسين جابر كان خارج البلاد، ولم يشارك في الجلستين.

 

حسبما، أوضح الرئيس نواف سلام، فإن الحكومة أقرت (الخميس) الأهداف الواردة في الورقة الأميركية لتثبيت وقف إطلاق النار التي استلمها لبنان من الموفد الأميركي السفير في أنقرة توم براك.

تتضمن الورقة الأميركية، الممهورة بدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرؤية لبنان «بلداً مزدهراً قابلاً للحياة»، عبر عقد مؤتمر اقتصادي تشارك فيه الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر، وغيرهم من اصدقاء لبنان لدعم الاقتصاد اللبناني، وإعادة الاعمار». وهذه هي الجزرة، أو ما يمكن تسميته مشروع ترامب دولي- عربي، على غرار مشروع مارشال لإعادة اعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

في ورقة الأهداف الأميركية، لا سيما بند «1» والبند «3» اشارات لمسائل سيادية شكلت صداماً مع حزب الله والثنائي الشيعي. ففي السطرين الأخيرين من بند «1»: «تكريس السلطة الحصرية للدولة في اتخاذ قرارات الحرب والسلم، وضمان حصر حيازة السلاح بيد الدولة، وحدها في جميع أنحاء لبنان».

لا خلاف على تكريس السلطة الحصرية للدولة في اتخاذ قرارات الحرب والسلم.. ولكن نقطة الخلاف بـ «ضمان حصر السلاح بيد الدولة وحدها».. وهذا يعني شمول سلاح المقاومة ضمن ترتيبات الحصر.. وهذا إجهاز واضح على صيغة ثلاثية: الجيش والشعب والمقاومة، التي نجح الحزب في تكريسها لسنوت في البيانات الوزارية على اختلاف الحكومة التي تناوبت على السلطة بعد العام 2006..

أمَّا في البند «3» من ورقة براك، الذي عندما غادر لبنان، وسط ترويج معلومات عن عدم عودته، وإعادة السفيرة السيدة مورغن اورتاغوس الى متابعة المهمة. كان متأكداً من أنها ستقر، ففيها: الإنهاء التدريجي للوجود المسلح لجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها «حزب الله» في كافة الأراضي اللبنانية جنوب الليطاني وشماله..

نزعت الفقرة «3» صفة الشرعية الحكومية عن حزب الله، فهو لم يعد يتمتع بالغطاء الشرعي اللبناني، فيما ان السلاح يتعين حصره بيد السلطة الشرعية ومؤسساتها الأمنية، بما في ذلك شرطة «البلدية» صار على الحزب السير في منطوق الورقة الحكومية، فقد تحرر من عبء التزامه بالتنفيذ، وفق الرزنامة المقدمة في ورقة براك وفي المفاوضات، ولكن الدولة التزمت بما أقرت، ويقع على عاتقها التنفيذ بالقوى الشرعية اللبنانية.

تحدثت الأهداف عن إنهاء تدريجي، ولم تتحدث عن نزع أو سوى ذلك..

وهذا بحدّ ذاته منفذ للمعالجة، في ما خصَّ ضرورات معنية لدى الحزب، شرط حصول تفاهمات تأخذ بعين الاعتبار، السعي اللبناني لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، من ضمن الورقة الأميركية ومن خارجها..

من بند «5» الى بند «8» نقاط بالغة الأهمية لجهة عودة السكان الى قراهم وممتلكاتهم، وتسوية مسائل الحدود والأسرى، بمفاوضات غير مباشرة، ووقف الاعتداءات الاسرائيلية وضمان الانسحاب الاسرائيلي من الأراضي اللبنانية وترسيم دائم ومرئي للحدود بين لبنان واسرائيل..

هذه مطالب الأولوية لدى الثنائي للبدء ببحث مصير سلاح الحزب. ولكن هذه النقاط، المطالب تتضمن، في حال وضعت موضع التنفيذ، يكون لبنان حقق مكاسب في ما خص مسألة السيادة، واستعادة الوضع المستقر في الجنوب، بعودة الأهالي الى قراهم ومنازلهم، وهذا مكسب كبير بحدّ ذاته، مادامت العمليات العسكرية، ليست متاحة لا اليوم ولا غداً، ولا بعد غد..

وسواءٌ أكانت الأهداف في ورقة توم براك أو غيرها فإن وحدة الأهداف بين الدولة اللبنانية ككل، بصرف النظر عن الحكومة التي بيدها ناصية القرار أو غيرها، لا يختلف عليها اثنان في لبنان، ولعلَّ قرار وقف النار في 27 ت2 (2024)، يصبّ في هذا الاتجاه.

إن معركة لبنان الدولة والمجتمع لا يتعين ان تكون في الداخل، بل مع اسرائيل التي لم تعلن لتاريخه موقفها الصريح، الواضح من الورقة الأميركية، بصرف النظر عما اذا كان لبنان اطلع على حقيقة الموقف الاسرائيلي أم لا..

الحكومة الحالية، ليست في شبهات يمكن أن تُساق ضدها، مادام الراعي الأميركي وضع يده على كامل مفاصل الأزمات في الشرق الأوسط والعالم..

وحزب الله، ليس حزباً مستعصياً على الحوار أو التفاهم معه.. ولتكن الحسابات  منطلقة من وحدة الأهداف اللبنانية، بعيداً عن توصيفات، لا تنطبق على الوقائع، ولا تنتمي الى الحقائق، بل تسبح في بحر الادعاءات والمزاعم والاتهامات غير المستند الى أسس..

المطلوب الآن، تبريد الأعصاب، والعودة الى المسلّمات المتعلقة بمقومات الدول، والمسار التاريخي لنهاية حركات المقاومة من أوروبا إلى آسيا وشعوب الهند- الصينية وغيرها..