Site icon IMLebanon

القطاع السياحي يتجّه إلى خفض أسعاره

 

ما بين وقع الحرب واقتراب موسم الأعياد، تعيش القطاعات السياحية أثقل ايامها، هي التي لم تستطع ان تتنعم بالازدهار والنمو اللافت الذي حققته خلال موسم الصيف. فقد طارت المكتسبات، وباتت حرب الاستنزاف التي تعيشها اليوم بمثابة ضربة قاضية، خصوصاً اذا ما جرى عطفها على الرزم الضريبية الجديدة التي تطالها في موازنة 2024.

أوصت الهيئات الاقتصادية في ملتقى القطاع الخاص من أجل الصمود ومنع سقوط المطاعم والمقاهي ومراكز السهر، القيام بحسومات بهدف تشجيع الناس على الخروج من منازلهم وتغيير نمطية الحياة السائدة، وحثتهم على وضع تصور لبرنامج تسويقي يهدف الى تنشيط قطاع المطاعم والسهر خلال شهر كانون الأول المقبل. إلى أي مدى يمكن لهذه التوصية ان تشكّل مادة جذب لإنعاش القطاع الذي يفقد الأمل اليوم بمعجزة تُنهي الحرب الباردة، وتُبعد شبح الحرب الساخنة، وتُعيد الرهان على موسم خجول خلال عيدي الميلاد ورأس السنة، سيكون رواده من المقيمين وربما من بعض مغتربي الخليج؟

في هذا الإطار، يقول نائب رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري في لبنان طوني الرامي لـ«الجمهورية»: «صحيح، اننا قضينا صيفاً مزدهراً ردّ اعتبار لبنان على الصعيد السياحي بعد 4 سنوات من تراكم الأزمات كانت قاسية جداً على القطاع الذي خسر خلالها 50% من مؤسساته. لكن بعد 7 تشرين الاول لاحظنا تراجعاً دراماتيكياً في مؤشرات القطاع. فقد أعلنت وكالات السياحة والسفر تراجع المبيعات في سوق قطع التذاكر بنسبة 80%، تتراوح حركة الإشغال الفندقي من صفر الى 5%، تدنّت حركة إيجار السيارات الى ما بين 1 و2% ويضمّ الاسطول 8000 سيارة. الأدلاء السياحيون سيكونون عاطلين من العمل، وقد تراجعت الحركة في المطاعم ما بين 50 الى 70% في خلال بحر الاسبوع وأقلّه 50% خلال عطلة نهاية الاسبوع، والحركة الخجولة التي تشهدها تتركّز ايام الآحاد مع تأنٍ في المصروف وهذا الامر غير كافٍ».

 

أضاف: «كنا نتوقع سياحة اوروبية موجّهة وناشطة خلال شهري تشرين الاول والثاني، وسياحة مؤتمرات في فندق أساسي في بيروت من فئة 5 نجوم، وإذ بنا نشهد على تراجع دراماتيكي في القطاعين المطعمي والفندقي». وأسف الرامي «اننا نسير اليوم مجدداً من دون رؤية مستقبلية، نعيش على وقع تطورات الحرب التي لا نرى انّها يمكن ان تنتهي في غضون اسبوعين».

 

وعمّا اذا كان طار موسم الأعياد المرتقب، قال: «انّ حجز الفنانين والصالات للسهرات خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة يتطلّب التحضير قبل وقت، والترويج لها. واذا افترضنا انّ الحرب انتهت غداً فإنّ حفلات اللحظات الاخيرة قد تستقطب المغترب اللبناني القادم من دول الخليج فقط، ويستحيل ذلك على المغترب القادم من دول أبعد، اما اذا استمرت أجواء الحرب فعلى الأغلب سيأخذ المغترب عائلته حيث يقيم، لأنّه لن يغامر ويأتي تخوفاً من الا يتمكن من العودة».

 

توصية الهيئات

 

أما عن توصيات الهيئات الاقتصادية، قال الرامي: «هذه كانت مقترحاتنا الكفيلة بخلق حركة خلال موسم الاعياد، وحتى الساعة لم نتخذ كنقابة قراراً رسمياً في ما خصّ الحسومات المقترحة، لأننا في انتظار ما ستكون عليه الأوضاع خلال شهر كانون الاول المقبل، وما الإجراءات الايجابية التي يمكن ان نتخذها في مواجهة الحرب، أكانت الحرب الباردة التي نعيشها راهناً والتي هي استنزاف كلي للقطاع، أم الحرب الساخنة التي اذا ما وقعت ستُخرج لبنان كلياً عن الخارطة السياحية لأنّها ستدمّر البنية التحتية واقتصاد لبنان كلياً».

وعن الأسباب التي تجعل هذه الأزمة مدمّرة للقطاع، علماً انّه لطالما مرّ بتحدّيات وأزمات مشابهة، قال: «انّ تخطّي أزمة مماثلة يتطلّب الاستناد الى نمو مستدام محقق، وليس في بلد منهار اصلاً، ويعاني من أزمة مالية، اموال القطاع محجوزة في المصارف، العملة فقدت قيمتها، الكوادر المهنية هاجرت، شركات التأمين لم تدفع تعويضات بعد للمطاعم بعد انفجار المرفأ، ولا قروض تيسيرية متوفرة. ونحن اصحاب القطاع لا يمكننا ان نصرف هذه المرّة من مخزوننا، لأننا على مشارف حرب لا نعرف الى اين يمكن ان توصلنا، مع يقيننا انّه اذا حصلت الحرب ستكون الضربة القاضية».

 

وأسف الرامي انّه «رغم كل هذه التحدّيات هناك غياب كلي للحكومة وللمسؤولين عن القطاع في هذه المرحلة الصعبة، هذا القطاع الذي كان المساهم الاول في الاقتصاد اللبناني هذا الصيف. وليس هذا فحسب، إذ بدل ان يلتفتوا الينا والى وضعنا، قامت الحكومة منذ اسبوعين بإرسال موازنة ضرائبية إفلاسية تتركّز على القطاع السياحي، وكأنّه القطاع الوحيد الذي يدرّ اموالاً على الدولة، متناسية انّه القطاع الوحيد الشرعي 100% وأربابه يدفعون الضرائب، وذلك عوض ان تكون الموازنة تحفيزية واصلاحية. ومع ذلك تتمّ مناقشتها في لجنة المال والموازنة من دون حضور القطاع السياحي الذي يجب ان يكون مشاركاً كونه أكثر المتضرّرين منها، ونخشى اليوم تهريب هذه الموازنة وإقرارها من قِبل الحكومة مع كل ما تتضمّنه من ضرائب من دون مراعاة وضع القطاعات».