Site icon IMLebanon

طرابلس «عم تبكي دم» على أبنائها  

 

 

ما جرى بالأمس في بحر «طرابلس» لا يمكن ان يتقبله عقل أو ضمير، أو انسان في العالم كله فما هو سر هؤلاء الناس الذين يهربون من مدينتهم ويخاطرون بأرواحهم من أجل الهروب؟

 

ونتساءل: الهروب من مَنْ؟

 

إنه الهروب من الفقر؟

 

والهروب من عدم وجود فرص عمل؟

 

والهروب من عدم القدرة على دفع فاتورة كهرباء؟ طبعاً ولا كهرباء. انه الهروب من الأهل، وهذا ما حصل مع رجل لا أريد أن أسميه فقد ثلاثة أولاد، وأسأله كيف تركهم يهاجرون، وكيف تخلّى عنهم؟

 

إنه الهروب من الحياة… كلمة كبيرة لكنها حقيقية. فما الذي دفع هؤلاء المساكين لخوض هذه المغامرة التي يمكن ان تكلفهم حياتهم وقد كلفتهم حياتهم؟ الجواب: انها الحاجة. الفقر والجوع والطفر والمرض كلها أمراض من الصعب أن يتحمّلها الانسان، ولا يعرف صعوباتها إلا من عاناها.

 

هؤلاء المساكين قرروا الموت على عدم الرضوخ لحالهم.

 

هؤلاء المساكين كانوا يعرفون انهم يُقْدِمون على مغامرة مصيرها مجهول، ومن يبقى بعد المغامرة وتكتب له حياة جديدة كأنه ولد من جديد.

 

بالعودة الى الأسباب. أتذكر انه في يوم من الأيام كتب أحد أصدقائي مقالاً في جريدتي يقول فيها: إلى زعماء طرابلس: في عهدكم صارت طرابلس ضيعة. ما تسبب له بمشاكل مع أصدقائه وخاصة مع زعماء طرابلس.

 

اليوم أقول إن صديقي كان على حقّ عندما لام زعماء طرابلس لتقصيرهم أمام مدينتهم وأمام شعبهم.

 

أحد زعماء طرابلس، والذي بفضل مركزه النيابي وصل كي يكون وزيراً ثم رئيساً للحكومة، تناسى ان ربّ العالمين أغدق عليه المال الكثير الذي لا يعد ولا يحصى.

 

لكن هذا المسؤول صار غنياً بأمواله الموزعة في بنوك وبلاد العالم فقط لكنه فقير في طرابلس… وعَدَ منذ عشرات السنين بإنشاء بنك للفقراء برأسمال ٢٥ مليون دولار، يعطي قروضاً للفقراء بفوائد أقل بكثير من الفوائد التي تأخذها البنوك… ومنذ أكثر من عشر سنوات وهذا الزعيم لا يزال يبحث عن مدير لهذا البنك؟!!!

 

مشروع ثانٍ وعد أهله في طرابلس بإنشائه وهو بناء محطة كهرباء، تبيع الكهرباء للمواطنين بأسعار رخيصة، كما فعل ابن زحلة أسعد نكد صاحب شعار ٢٤/٢٤…

 

طبعاً وعده كان كما وعدنا صهر فخامة الرئيس بأنه سيعطي الكهرباء ٢٤/٢٤ لكنه حتى الآن لا يعلم سوى الله متى وكيف؟

 

كل ما فعله هذا الصهر انه صرف ٦٥ مليار دولار على الكهرباء ولا كهرباء ولا معامل.

 

الوحيد الوحيد الذي أمن الكهرباء ٢٤/٢٤ هو المهندس مهيب عيتاني بتكليف من شهيد الوطن الرئيس رفيق الحريري الذي بنى معامل للكهرباء في دير عمار تعمل على الغاز وعلى الفيول. ولو استعملنا الغاز لكانت فاتورة الكهرباء ٣٠ ملياراً بدل ٦٥ ملياراً، ولكن اصرار الصهر على الفيول هو الذي أدى الى تلك الخسارة.

 

صحيح ان زعماء طرابلس مسؤولون، وصحيح أيضاً ان رؤساء الحكومات ونواب طرابلس هم مسؤولون ايضاً، لكن المسؤولية الكبرى تقع على الدولة التي لم تستثمر طاقات الشعب الطرابلسي الغني بالمهارات…. فمن يتذكر اعمال النجارة والمفروشات، وطرابلس مشهورة بتلك الصناعة، كذلك صناعة النحاس وصناعة الفضة ومعامل الصابون… وطرابلس غنية باليد العاملة… ولكن الفقر والحاجة تغلبا على أهل طرابلس… رجائي ودعوتي الى الله ان يعين أهل طرابلس بشكل خاص وأهل لبنان بشكل عام.