الترويكا مصطلح جيوسياسي رفيع المستوى، يُستخدم للإشارة إلى ثلاث دول، أو ثلاث قوى أو ثلاث مؤسسات متحالفة، أو يعبر عن صيغة فنية كما مع ثلاثي أضواء المسرح التي تشكّلت من سمير غانم والضيف أحمد وجورج سيدهم.
أما هنا، فتعني حصرًا السادة صاحب الفخامة وصاحبي الدولة، أصحابنا. إن ملك واحد من الثلاثة سلاح الصلاحيات واجهه الثاني بسلاح التعطيل ووقف الثالث بينهما كقوة فصل لا تقوى على شيء.
في العادة، إن توافق الرؤساء الثلاثة، بعد تدوير الزوايا، على سلّة تعيينات أو على باقة بنود أو توافقوا على أهمية وجود الـ “عصعوص” بالملوخية أو على خارطة طريق للحل انطلقت بوسطة الحكومة بسلام ووئام وإن تعذر توافقهم “بطنجت” دواليب الدولة في أرض موحلة. أيام الأسدين، حافظ ودرة الفرقدين بشار، كان يصل الونش من كاراج المهاجرين على وجه السرعة كي يسحب البوسطة حيث يُعاد “تعيير” دواليب الرؤساء منعًا للتزحيط. قبل عمر بك كرامي والياس الهراوي وحسين الحسيني رحمهم الله كان الركّ على الحكم برأسين: الماروني والسني. فإن اختلف صائب بك مع سليمان فرنجيه اختلّ التوازن وإن حرد رشيد كرامي من شارل حلو انشلّ البلد.
إثنان ضد واحد أفضل من اثنين يشدان رسن الحمار واحد يشدّ يمينًا وواحد صوب اليسار والحمار بينهما لا حول له ولا قوة ولا قدرة للإفلات من العقاب الميثاقي. الحمار ارتاح وبقينا نحن اللبنانيين الأشاوس لا نعرف من الراحة سوى راحة الحلقوم. لم نرتَح في صيغة الحكم برأسين طوال نصف قرن ولا ارتحنا في صيغة الرؤوس الثلاثة في 35 سنة. أخت هالحياة.
في اليومين الأخيرين، عادت محركات الترويكا لتعمل من جديد بعد شحن بطارياتها وجلخ ديسكات فراماتها وتغيير بوجياتها ونفخ دواليبها. طلع دخان مازوتها الأخضر وسُمع جعير موتوراتها من بيروت لجونيه يا عيوني. اجتهدت الترويكا. اشتغلت بكل طاقتها وتمكّنت بعون المستشارين الفطاحل من تدبيج ردّ على ورقة مستر براك أدهشته وعقدت لسانه ومصرانه. wow شو هالردّ الحلو المدروس اللبق اللطيف الدقيق الرقيق المتضمن نفحة حزب إلهية.
أغلب اللبنانيين صاروا على بيّنة بمضون الرد باستثناء فئة قليلة غير مؤثرة في مسار الأحداث الكبرى، أي النواب والوزراء. عندما تشتغل الترويكا يقعد هؤلاء على جنب، إن أحب نواف بك إحاطة وزرائه علمًا بمضمون الردّ فـ “كتّر خيره” وإن آثر عدم إشراكهم في المناقشة والصياغة ففي ذلك حكمة أما الـ “إستيذ” فما إلو جلادة من الأول على فتح بازار مناقشات في قصر الشوق.
يا هلا ويا مرحبا بالترويكا.
