Site icon IMLebanon

طرْق “بوابة اسطنبول” لا يُغيّر ميول الشارع “الأزرق”  

 

طغى ملف “كورونا” على “جلجلة” تأليف الحكومة بعد انسداد أفق الحلّ الداخلي، ويتوقّع الجميع أن يُسيطر الجمود في الأيام المقبلة لأنّ الهمّ الصحي يتقدّم على كل المشكلات الأخرى.

 

يتعقّد المشهد الإقليمي وتُحاول كل دولة حماية نفسها من تردّدات الإجتياح الوبائي وانتقال السلطة في واشنطن، وفي هذه الأثناء تعمل تركيا لأن تكون الرقم الصعب في اللعبة الإقليمية. وتتحرّك أنقرة بين الساحات المشتعلة في سوريا والعراق، ووصل طموح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ليبيا بعدما هدّد أوروبا ودفعها إلى القيام بهجوم مضاد.

 

وأحدث الكلام عن أن لأردوغان طموحاً في لبنان ردّ فعل لدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي هبّ لنجدة لبنان بعد انفجار المرفأ في 4 آب الماضي، وفسّر البعض تحرّك ماكرون بأنه مواجهة للنفوذ التركي المتصاعد في بلد يُعتبر آخر موطئ قدم لباريس في الشرق. ويؤكّد مصدر ملمّ بالوضع في الشمال، ولا سيّما على الساحة السنّية، أن الحديث عن تنافس سعودي – تركي على تلك الساحة عموماً والشمالية خصوصاً مُضخّم. ولا يُنكر وجود مجموعات في طرابلس تُوالي تركيا، وهناك قرى وعشائر في عكّار من أصول تركمانية، لكن هذا لا يعني أن هناك إحتلالاً تركيّاً جديداً أو محاولة لإحياء منطقة نفوذ تخضع للأتراك، مثلما يحصل في شمال سوريا لأن الوضع اللبناني مختلف تماماً. ويرى أن تركيا تحاول الإستفادة من أخطاء الدول الخليجية في صراعها مع إيران. ويُفسّر أن الدول الخليجية اتّكلت على الدعم السياسي والمالي للحلفاء ولم تركّز على العقيدة، بعكس طهران التي صدّرت عقيدتها الإسلامية إلى الخارج، وبالتالي فإن أنقرة يهمّها الولاء السياسي لكن ليس إلى حدّ خلق “حزب الله” سنّي جديد في الدول التي يهمّها أمرها.

 

في المقابل، تُشدّد وزارة الخارجية اللبنانية على أن العلاقات مع تركيا هي من دولة إلى دولة، وليس هناك أي دليل حسّي على دعم أنقرة لجماعات سنّية في شمال لبنان، بل إن التعاطي يحصل ضمن أطر إحترام سيادة لبنان واستقلاله.

 

إلى ذلك، طرحت زيارة الرئيس المكلّف سعد الحريري الأخيرة إلى أنقرة أسئلة كثيرة منها: هل استبدل الحريري الغطاء السنّي السعودي والخليجي بعباءة أردوغان؟ وهل الكلام عن عرقلة خليجية للتأليف بسبب رفض مشاركة “حزب الله” دفعت الحريري إلى الاستنجاد بأردوغان؟ وهل بات تيار “المستقبل” في صفّ حلفاء تركيا وليس السعودية؟ وهل هناك من وساطة تركية تتعلّق بتأليف الحكومة؟

 

لا يستطيع أحد إنكار أن توجّه تيار “المستقبل” يبقى سعودياً وعروبياً وغربياً وليس إسلامياً، وأتى تفضيل القيادي في تيار “المستقبل” مصطفى علّوش للرئيس ماكرون على الرئيس أردوغان ليكشف ميول الشارع “الأزرق”، الذي يتمسّك بعلاقات الحريري الخارجية مع فرنسا ودول الغرب، وبأن “المستقبل” باقٍ حيث هو عربياً وإسلامياً.

 

وفي السياق، تنفي مصادر نيابية في تيار “المستقبل” كل الكلام عن أن الحريري يبحث عن حليف سنّي إقليمي، وتشير إلى أن “أبواب المملكة لم تُقفل، والحريري ينطلق من قاعدة جماهيرية ولديه علاقات دولية واسعة، والرئيس التركي أحد هؤلاء الحلفاء والدليل الإجتماع المطوّل والغداء الذي جمع الرجلين في تركيا”.

 

وتلفت المصادر إلى أن الحريري يطرق كل الأبواب من أجل الوصول إلى حلّ يخفّف آلام الشعب بعكس بعض المسؤولين الذين لا يتنازلون لمصلحة الوطن، وبالتالي فإن الرئيس أردوغان يرغب بمساعدة لبنان وليس مع فريق ضد آخر.

 

وتوضح المصادر أنّ الحريري يرى نفسه أمام مهمّة إنقاذية لأن المبادرة الفرنسية لا تزال قابلة للحياة، وما يهمه هو نجاحها لا الدخول في لعبة صراع الأمم والإصطفاف إلى جانب هذه الدولة ضد الأخرى والبحث عن حليف خارجي ليدعمه داخلياً.