Site icon IMLebanon

واشنطن تنبّه من مغبة تورط حزب الله في أي تصعيد إقليمي إنطلاقا من لبنان

 

حضّت الحكومة على «فصل مؤسساتها الرسمية عن الحزب» وعدم التهاون والعقوبات

 

القبول اللبناني بالرعاية الاميركية لترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب غير منفصل عن التطورات على مستوى الحصار على ايران والحرب الاقتصادية القائمة في المنطقة

 

لا يُخفى التوجّس الأميركي من الأحداث الأمنية التي إستهدفت تدفّق النفط وحرية الملاحة في المياه العربي. فتأمين إمدادات النفط يشغل بال الدول الكبرى منذ حدثت أزمة النفط العام 1973. يومها قررت الولايات المتحدة الأميركية، التي تستهلك ربع إنتاج النفط العالمي وحدها، والتي كانت ولا تزال أكبر قوة عسكرية واقتصادية، والتي يشكل النفط بالتالي عاملًا مؤثرا من عوامل قوتها ورخائها، ألّا تترك إمداداتها النفطية للظروف، بل أن تنشئ مخازن تخزين إحتياطي إستراتيجي يكفيها 84 يوما، وفي الوقت نفسه قررت السيطرة على منابع النفط الأساسية في العالم وخصوصا في الخليج. وخرجت إدارة الرئيس جيمي كارتر العام 1976 بـ«خطة كارتر» القائمة على الاستعداد للتدخل الفوري والمباشر عسكريا في أي نقطة من العالم تمثل تهديدا للنفط، بما يشكل تهديدا تلقائيا للأمن القومي الأميركي. حينها صاغ كارتر استراتيجية الدم مقابل النفط بإعلانه «الاستعداد لندفع الدم مقابل ضمان استمرار تدفق النفط».

 

لا تزال هذه الإستراتيجية قائمة ذلك الحين، بل ترسّخت مع الإدارة الراهنة، مع إستثناء واحد لم تكتمل عناصره في عهد الرئيس باراك أوباما الذي عمل على ما سماه انهاء الإدمان على نفط الخليج Oil Addiction، من غير أن يتاح له تسويق هذه العقيدة على نحو واسع او على إلزام الإستابليشمنت الأميركي بها.

 

في هذا السياق تُمكن مقاربة ردة الفعل الأميركية على إستهداف المنشآت النفطية السعودية وقبلها حركة الملاحة في المياه العربية، مع الإستنفار البحري وتسريب غير مباشر عن إمكان إرسال إدارة دونالد ترامب ١٢٠ ألف جندي الى المنطقة، في حين نشرت وزارة الخارجية مقطعا مصورا بعنوان «بمنتهى الوضوح – فيلق القدس الإيراني»، تتحدث فيه عن قواعد تدريب يقيمها الحرس الثوري الإيراني في العراق ولبنان (عرض الفيديو مجموعة من الخرائط تظهر مراكز تدريب وتسليح تابعة لـ«فيلق القدس» على الحدود الشرقية في منطقة البقاع عند الحدود مع سوريا)، وأن هذا الفيلق يدرب ويسلح ويجهز ميليشيات تابعة له لاستخدامها في حروب الوكالة وإشاعة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط في معسكرات تدريب في لبنان، وكذلك داخل إيران.

 

ما وصل الى بيروت في الأيام الأخيرة، وخصوصا على هامش المَهمّة النفطية لمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، دعوة من واشنطن الى الحكومة كي «تفصل مؤسساتها الرسمية عن حزب الله»، وكي «لا تتهاون مع العقوبات الأميركية على الحزب». ولا يخفى أن واشنطن كذلك نبّهت بيروت من مغبّة أن يتورط حزب الله في أي مغامرة بتكليف من طهران، ربطا بالتوتر الإيراني – العربي واستطرادا الأميركي، إذ ان اي تحرّك للحزب انطلاقاً من لبنان سيضعه على أبواب المجهول، ويُعدّ خروجا عن سياسة النأي بالنفس التي أمّنت طوال الأعوام الفائتة الاستقرار النسبي الذي تحرص واشنطن وعواصم القرار على تثبيته.

 

في الموازاة، حرصت واشنطن على ابلاغ بيروت عدم وجود نوايا إسرائيلية لتصعيد الوضع جنوباً وإيقاف الاشغال القائمة على الحدود افساحاً في المجال امام مزيد من التفاوض عبر الوساطة الاميركية ريثما يتم التوصل الى اتفاق بشأن الحدود، لكن مع تأكيد واشنطن أنها لن تكون إلا «داعمة بالمطلق لحكومة تل أبيب في حال أي تصعيد عسكري، وهي ستغطي أي رد إسرائيلي مهما بلغ حجمه وهدفه».

 

وثمة من يربط القبول اللبناني بالرعاية الأميركية لترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب، بعدما كانت جهات لبنانية، وعلى وجه التحديد الثنائي الشيعي، سبق أن رفضها بالمطلق متمسّكا حصرا بالتفاوض غير المباشر مع إسرائيل عبر الأمم المتحدة، بالتطورات على مستوى الحصار على إيران والحرب الاقتصادية القائمة والتشدد الأميركي في تطبيق العقوبات، واستطرادا الانحناءة الإيرانية الواضحة والصريحة وعروض التفاوض التي يتولى تسويقها وزير الخارجية محمد جواد ظريف. ولا تخرج عن هذا الإطار اتصال وزير الخارجية مايك بومبيو بسلطان عمان قابوس بن سعيد، في موازاة الزيارة التي يقوم بها رئيس الإتحاد السويسري أولي ماورر الى واشنطن، حيث كانت الأزمة مع ايران في صلب محادثاته، إنطلاقا من الدور الذي تتولاه بيرن كراع لمصالح واشنطن في طهران، وفي تسهيل الوساطات الدولية والعلاقات الديبلوماسية بالنيابة عن الولايات المتحدة.