لست أدري بما نحن عليهِ من تدميرٍ وتكفيرٍ، ما إذا كان علينا أن نستهلَّ كلّ مقالٍ بالتمجيد، حتى لا يُشبهَ الخطبة البتراء:
التمجيد للّه تعالى، والتمجيد للبنان تعالى، الذي هو «أحدُ جبالِ الجنّة»، كما يصفهُ النبيّ… والذي «ترى فيه بعينيك وقْعَ قدمَي الله»، كما يقول الشاعر الفرنسي والسياسي الكبير… «لامرتين».
ولكن، أين هو لبنان، أحد جبال الجنّة؟ لبنان الوطن والكيان والدولة والإنسان، يترنّح على قعقعة حوافر الخيول الغاضبة، ومعمعة قرار حصرية السلاح الصاخبة.
لأنني أنا: لبنانيٌّ جداً، وعربيّ جداً، ومسلم – مسيحيًّ جداً، فلا بدّ من دعْم أيّ مقاومة وطنية ضدّ أي معتدٍ، ملاكاً كان أو شيطاناً.
ولأنّ إسرائيل هي عندي أيضاً شيطانٌ أكبر، وحبّ الوطن عندي من الإيمان، فمنَ الطبيعي أن يكون هناك عداءٌ بين الإيمان والشياطين.
أمّا بعد، وبصرف النظر عن قرار مجلس الوزراء اللبناني حول تسليم السلاح، وإنْ بأكثرية جامعة، فأنا من الداعين إلى معالجته بإرادة لبنانية جامعة، وإلّا، فما هي المعادلة؟
إذا أخفقتْ مهمّةُ السلاح في مواجهة الحرب الساخنة ضدّ إسرائيل، فهل تنجح في شنّ حرب ساخنة أو باردةٍ فيما بين اللبنانيِّين؟
وعندي، أنَّ سلاحاً بالسكاكين يحارب به اللبنانيّون كلُّهم جميعاً، هو أفضلُ وأَجْدى من سلاحٍ بالصواريخ يحارب به فريقٌ لبناني واحد.
في مجال آخر، وعلى رغم من المعرفة الودودة التي تربطُنا بمقامات إيرانية عليا.
وعلى رغم من الطابع التجميلي لبعضِ تصريحات الدكتور علي لاريجاني، مسؤول الأمن القومي الإيراني خلال زيارته لبنان هذا الأسبوع، «بأنّ إيران لا تتدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وأنّها تحترم القرار الذي تتخذه الحكومة اللبنانية».
فلا بدّ من إعادة التذكير بما أعلنه السيد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى: «بأنّ المقاومة في لبنان ستقف في وجه المؤامرات التي تهدف إلى نزع سلاحها، ونحن سنساعد هذه المقاومة…».
وما أكدّه وزير الخارجية الإيراني السيد عباس عراقجي: «بأنّ قرار مجلس الوزراء اللبناني سيفشل، ونحن نساعد «حزب الله» للدفاع عن نفسه».
وما كرّره نائب رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي «إيرج مسجدي»، أنّ الذين يحلمون بنزع سلاح «حزب الله» سيحملون هذا الحلم معهم إلى القبر، وإنّ هذا المشروع لن يمرّ في مجلس الدفاع اللبناني، ونحن حاضرون لأيّ سيناريو…».
هذا الكلام، وما هو شبيهٌ لهُ، لا أرى فيه أيّ مصلحة لإيران ولا لـ«حزب الله»، لأنّه:
أولاً: يبطّن تهديداً للسلطة اللبنانية السياسية والعسكرية ويستفزُّ إرادة الشعب اللبناني.
ثانياً: يحمّل «حزب الله» مرّة جديدة مخاطرةَ المواجهة العسكرية مع الوعد بالمساندة.
ثالثاً: يقلّص الإلتفاف اللبناني حول «حزب الله»، ويطرح تفسيرات مبهمة لدى معظم اللبنانيِّين عمّا إذا كان «حزب الله» هو حزبٌ لبناني أو حزبٌ إيراني.
رابعاً: يشكّل ذريعة إضافية تستغلّها إسرائيل دولياً بحجّة أنّها تحارب جمهورية إيران في لبنان من خلال استهداف «حزب الله».
أرفض الإفتراض، أنَّ دعم إيران لـ«حزب الله» سيكون في وجهِ الداخل اللبناني…
وأرفض الإقتناع بصوابية دعم الحزب لمواجهة منفردة ضدّ إسرائيل، فهذا يعني قتلَ شعبٍ آمنٍ، والمسألةُ فيها نظر.
أمّا، أن تتعهَّد إيران بدعم «حزب الله» ولبنان ضدّ إسرائيل، فتنخرط معنا عملياً وميدانياً في الحرب برجالها وسلاحها، لإزالة الإحتلال، وردع الإعتداءات والمسيَّرات، وحماية قادة «حزب الله» من الإغتيالات، فأنا، اللبناني جداً، مستعدّ إذْ ذاك أنْ أقاتل تحت رايتها حتى ولو تخليّتُ عن سيادتي.
