Site icon IMLebanon

لا سياسة في البقاع الغربي: الأمر للعائلات!

 

طغت الحسابات العائلية على انتخابات معظم بلديات البقاع الغربي، دون أي تدخل سياسي يُذكر. وصوّت 42% من الناخبين لـ 725 مرشحاً في 31 بلدة، بعد فوز 6 بلديات بالتزكية. وبذلك، لم يختلف واقع استحقاق البقاع الغربي، حيث الغلبة للناخبين السنّة (نحو 65% من أصل أكثر من 106 آلاف ناخب)، عن مشهد انتخابات مختلف القرى السنية خلال الأسبوعين الماضيين، إذ إن غياب المرجعية السياسية السنية بعزوف تيار «المستقبل» عن المشاركة، أفقد الانتخابات بعدها السياسي، وحصرها في التنافس العائلي التقليدي. وتظهّرت المعارك العائلية الحادّة، في إشكالات شهدتها بلدات غزة والمرج وكامد اللوز، وقد عمل الجيش على معالجتها سريعاً.

 

ولا يبدو أن «احتجاب الأزرق» قد فتح شهية القوى السنية البقاعية على وراثة «الحريرية»، ولا سيما أن خصومها ليسوا في أفضل حال منها، في الوقت الحالي. وبنتيجة غياب المعارك التقليدية، خصوصاً بين الوزير السابق عبد الرحيم مراد ونجله النّائب حسن مراد من جهة، ورموز «المستقبل» من جهة أخرى، أحجمت جميع القوى الفاعلة عن إغداق الدعم السياسي، إذ إن لا مصلحة لأيٍّ منهم في «تزييت» الماكينات الانتخابية، والمُشاركة في التمويل، طالما أن «معارك كسر العظم» صارت من الماضي، ولن «تُقرّش» نفوذاً سياسياً. ووصل الأمر إلى حدّ انضمام محسوبين على الخصمين التاريخيين: مراد والوزير السابق جمال الجراح إلى اللائحة نفسها في أكثر من بلدة، لكن من دون تدخّل مباشر منهما.

 

في المقابل، تملّك بعض القوى البقاعية «نقزة» من بعض المتموّلين الجُدد الذين يُحاولون اختراق الساحة، سعياً إلى نفوذٍ محلي، للاستفادة منه في الانتخابات النيابية المقبلة.

 

مراد: الهدايا بدلاً عن المعارك

هذا الحياد تبدّى بشكلٍ واضح لدى مراد. فابن بلدة غزة، الذي لطالما كانت غرف منزله تتحوّل إلى خلايا نحل لمتابعة المعارك الانتخابية، بدا أمس هادئاً نسبياً. فوريث «أبو حسين» السياسي، سبق أن أعلن وقوفه على مسافة واحدة من الجميع، وتمثّل ذلك في حضور حفلَي إطلاق اللائحتين في بلدته قبل أيام: لائحة «وحدة غزة» برئاسة الرئيس الحالي محمد المجذوب، ولائحة «نبض غزة» برئاسة محمد خالد المجذوب وعمر المجذوب. كما اعتمد مراد الحياد في باقي القرى، مستبدلاً خوض المنازلات السياسية بـ«المكافآت»، فأعلن تقديم قاعة مخصّصة للعزاء في بلدة حوش حريمة، واعتزامه بناء مقر لبلدية غزة، عبر نشر خرائط تفصيلية له. كما أكّد أن الأمر لن يتوقف هنا، بل «سأقوم بواجبي بالوقوف إلى جانب سائر القرى البقاعية، وتقديم المشاريع لها».

 

النائب ياسين ياسين الذي يقول إنه وُلد من «رحم التغيير» لم ينتفض على المجالس البلدية

 

ياسين لا يريد تغييراً

الحياد نفسه لزِمه ابن غزة أيضاً، النائب ياسين ياسين، الذي شوهد للمرة الأولى في الاصطفاف نفسه مع مراد، حينما حضر حفل إطلاق لائحة «نبض غزة» قبل أيام. النائب الذي يقول إنه وُلد من «رحم التغيير»، لم ينتفض على المجالس البلدية التقليدية، على اعتبار أنه غير قادر على الوقوف في وجه المعارك العائلية المحتدمة في المنطقة. وهو لم يهتم بتثبيت حضوره في بلدته والبلدات المجاورة، قبل عامٍ من الانتخابات النيابية.

 

رموز «المستقبل» خلفَ العائلات

النائب السابق محمد القرعاوي، فضّل أيضاً، رغم حيثيته وقربه من «المستقبل»، ترك الخيار للعائلات والانضواء تحتها، داعماً لائحة طلال جبارة في مسقط رأسه القرعون، من دون اتخاذ مواقف حادّة. وفي المقابل، اصطفّ النائب وائل أبو فاعور والنائب السابق إيلي الفرزلي و«القوات اللبنانية» إلى جانب لائحة خالد البيراني، مع العلم أنهم اكتفوا بالدعم الاسمي، من دون تفعيل للماكينات السياسية. كذلك، عمد الجراح إلى «الانصهار» في اصطفاف آل الجراح في بلدته المرج، من دون أي تدخّل أو تأثير سياسييْن، داعماً لائحة «كلنا للمرج» برئاسة عماد الشموري ودوري صالح في مواجهة لائحة «عهدنا مرجنا» برئاسة عمر حرب وخالد الشموري.

 

وانسحب أداء القرعاوي والجراح على جميع رموز «المستقبل» ومفاتيحه الانتخابية في معاقلهم السياسية، حيث خاضوا المعارك تحت «الجبّة» العائليّة. وانعكس ذلك في انضمام كثرٍ من مقرَّبي مراد ومناصري «المستقبل» إلى لوائح واحدة.

أمّا النائب السابق لرئيس مجلس النواب، إيلي الفرزلي، فدعم عدداً من اللوائح، بينها في القرعون ومسقط رأسه جب جنين، لكن من دون بُعدٍ سياسي، أيضاً.

 

الجماعة الإسلاميّة تدعم ولا تتبنّى

في المقابل، بدت الجماعة الإسلامية أكثر أريحية في التعبير عن آرائها وتقاطعاتها مع عدد من اللوائح، ودعمها العلني لبعض المرشحين في جميع بلدات البقاع الغربي، كما حصل في القرعون ولالا وجب جنين وكامد اللوز والمنارة والمرج ورافيد وبر إلياس… وبعض القرى السنية في راشيا، كمدوخا وخربة روحا.

 

وأوضح أحد قياديّي الجماعة في البقاع الغربي، لـ«الأخبار»، أنها خاضت الانتخابات بـ«تحالفات عائليّة ضمن النسيج المجتمعي لكلّ بلدة، وليس على قاعدة التحالفات في المدن»، مبيّناً أن «لا لوائح صرفة للجماعة ولا تبنّيَ رسمياً للوائح في غالبية القرى، وإنما لنا مشاركة عبر مرشحين ودعم واضح لبعض اللائحات». لكن ذلك لم ينسحب على القرعون، التي خاضت فيها الجماعة معركة على الرئاسة، عبر طلال جبارة، باعتباره شقيق القيادي الشهيد محمد جبارة (الذي استُهدف بغارة إسرائيلية في بلدة غزة في تموز الماضي).

 

أمّا في البلدات المسيحية، فلا معارك حقيقية خيضت بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، بل انضوى الطرفان تحت الأطر العائلية، وفي المناطق الشيعية، انحسمت النتائج سلفاً لصالح اللوائح المدعومة من حزب الله وحركة أمل.