Site icon IMLebanon

من له مصلحة في استحضار معركة عين دارة التاريخية في «مصنع اسمنت»؟  

 

حضرت معركة عين دارة في الذهن لدى البعض، والتي جرت بين القيسيين واليمنيين في العام 1711، ايام حكم الامير فخر الثاني الكبير، مع المناوشات التي شهدتها جرود البلدة التي تعترض البلدية فيها مع بعض الاهالي، على انشاء معمل «اسمنت الارز» لآل فتوش، ونتج عن الاشكال الذي حصل بإطلاق نار وتضارب بين المعترضين وحراس وموظفي المعمل الى وقوع جرحى، انعكس توترا في البلدات والقرى، في الجرد الاعلى لقضاء عاليه، حيث تدخلت القوى الامنية، وفضت الاشكال، وفصلت بين الطرفين، اللذين انقسما سياسيا، بين الحزب التقدمي الاشتراكي ومعه «القوات اللبنانية» اللذين وقفا ضد انشاء المعمل، وبين الحراس الذين يؤيدهم الحزب الديموقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال ارسلان.

 

والتحضير لموقعه عين دارة جديدة، كانت ماثلة، امام الجميع، اذ ان كل فريق كان يجهز نفسه لها، اذ ان الفريق الاشتراكي مع الاهالي سدوا كل الطرق التي توصل الى مكان اقامة المعمل وركزوا نقاط حراسة، وفق المعلومات التي تم تداولها في المنطقة، حيث قابل آل فتوش هذا الوضع، بأن وظفوا مواطنين من ابناء البلدات المجاورة للمعمل كحراس في المرحلة الاولى، اذ يقدر عدد فرص العمل التي يمكن ان يقدمها بنحو اكثر من الف فرصة عمل، وتم توظيف ما بين 100 و150 شخصا كحراس، وغالبيتهم ينتمون سياسيا للحزب الديموقراطي وحزب التوحيد العربي، مع افراد لهم ميول اشتراكية الى اخرين محايدين ومن مناطق في البقاع، لان الحاجة الى العمل، هي التي دفعتهم الى هذه الوظيفة مع مبلغ يفوق الحد الادنى للاجور وضمانات منها تسجيلهم في الضمان الاجتماعي.

 

وكان قرار عن مجلس شورى الدولة حمل الرقم 292 تاريخ 23 نيسان 2019، قضى بـ «وقف تنفيذ قرار وزير الصناعة وائل ابو فاعور رقم 7893/ت الصادر بتاريخ 26 اذار 2019 الذي قضى، وبشكل مخالف للقانون وللاحكام القضائىة المبرمة، بالغاء الترخيص الصناعي رقم 5297/ت وكذلك الغاء قراري تمديده رقم 6576/ت و6821/ت الصادرين ثلاثتهم عن وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن، بإنشاء واستثمار مجمع صناعي عائد الى شركة «اسمنت الارز» ش.م.ل في منطقة جرود عين دارة وخراجها – قضاء عاليه.

 

وتسبب قرار الوزير ابو فاعور بقطيعة بين الحزب التقدمي الاشتراكي و«حزب الله» الذي اعتبر القرار انه يمس بشفافية عمل وزرائه، وهو ما استدعى تدخل الرئىس نبيه بري وجمع الطرفين في عين التينة للمصارحة وغسل القلوب، حيث انتهى الاجتماع، الى استمرار التواصل، مع تشبث «حزب الله» بقرار وزيره حول معمل «اسمنت الارز» حيث كشفت مصادر سياسية ان وفد «حزب الله» الذي ضم حسين خليل المعاون السياسي للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ورئيس لجنة الامن والارتباط وفيق صفا سأل وفد الاشتراكي الذي ضم الوزير وائل ابو فاعور والوزير السابق غازي العريضي، عن العرض الذي قدمه جنبلاط لآل فتوش بحصوله على نسبة مئوية من المعمل للقبول بانشائه، وان تحصل شراكة او تعاون مع معمله في سبلين، فاتى جواب الاشتراكي ملتبساً كما ذكرت المصادر، التي تكشف على انه لم يحصل اي تواصل بين الطرفين منذ لقاء عين التينة، بل وقف الحملات الاعلامية.

 

ومع صدور قرار مجلس شورى الدولة، قرر اصحاب مصنع «اسمنت الارز»، البدء بانشائه، فواجهوا اعتراضاً من الاهالي والبلدية، بدعم من الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يؤكد مفوض الداخلية فيه هشام ناصر الدين لـ «الديار»، ان الحزب وقف مع حقوق الاهالي، وهو يساندهم ودائما الى جانبهم، لان مطالبهم محقة، وان تزويراً حصل في الاجراءات القانونية التي رافقت الترخيص، وبدأ اعداد الاعتراضات عليها من قبل البلدية والاهالي.

 

فموقف الحزب التقدمي الاشتراكي من موضوع المعمل، مرتبط بالوضع البيئي، يقول ناصر الدين، وهو ما نتفق فيه مع الاهالي الذين لديهم تقرير للاثر البيئي للمعمل، الذي يضر بالمنطقة، وان كل كلام خارج هذا السياق، لا نعلق عليه، لا سيما ما يتعلق بطلب الاستاذ وليد جنبلاط حصة في المعمل وما شابه من شائعات.

 

ولا يتوقع ناصر الدين، ان تتطور الاوضاع امنياً، مع اعتراضاته بوجود توتر، لان الاحتكام هو للدولة ومؤسساتها القضائية والعسكرية والامنية، وان حصول تزوير في الترخيص، هو ما نعمل على اسقاطه، حيث ناشد رئيس الحزب، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان لا تبقى الامور في عهده سائبة.

 

اما الحزب الديموقراطي اللبناني، فانه يقف مع لقمة عيش المواطنين، اذ افسح المعمل من فرص العمل لعشرات من ابناء المنطقة، ومنهم نسبة لا بأس بها من عناصر الحزب او مناصريه، وقد اصيب اثنان منهما بجروح في الاشكال الذي وقع قرب المعمل، حيث يشير مدير الداخلية في الحزب الديموقراطي لواء جابر لـ «الديار»، بان مجموعة من الاشتراكيين مع اعضاء في البلدية، حاولوا منع جرافة من فتح الطريق، التي تم سدها بالاتربة والحجارة، فتصدى لهم الحراس، الذين جوبهوا باطلاق نار من قبل احد الضباط المتقاعدين وهو العميد سليمان يمين، الذي سلّم نفسه للقوى الامنية، وتطور الاشكال الى تضارب بالعصي ورمي الحجارة، الى ان تدخلت قوى الامن وعناصر من الجيش وفصلت بين الطرفين، وهو ما كان يجب ان تفعله، قبل ان يحصل الاشكال، لان لدى قوى الامن استنابة قضائية من القاضية غادة عون، تقضي بتطبيق قرار مجلس شورى الدولة، وهذا ما حصل وفتحت الطريق.

 

فما كان يحصل في السابق من هيمنة وتسلط من قبل الحزب الاشراكي انتهى، يقول جابر الذي يشير الى القنبلة التي رميت قرب مكتب للحزب الديموقراطي في صوفر، بانه «عمل صباني»، ولن يصل الى نتيجة، ان قرارنا هو التهدئة، ونحن ندافع عن لقمة عيش المواطنين، وفرص عملهم، وعلى القوى الامنية ان تقوم بواجباتها، بتنفيذ القانون، وسيبدأ العمل بانشاء المصنع الذي سيؤمن مئات فرص العمل ولديه كل المواصفات البيئية.

 

فمعركة عين دارة في التاريخ، الذي يقال انه يعيد نفسه، فيتقمصها مصنع اسمنت، ليقع الصراع بين المختارة والامارة على كسارة، فنتج عن معركة عين دارة في مطلع القرن الثامن عشر، ويلات على ابناء الجبل، وادت الى تهجير الالاف منهم الى جبل العرب، وحصول احداث دامية. فلماذا لا يستفاد من التاريخ المؤلم، في جبل ما زالت المصالحة فيه طرية العود، وتكرار صراع سياسي، كان باسم القيسية واليمنية، واليوم اليزبكية والجنبلاطية؟

 

ان التهدئة هي التي يجب ان تتقدم، ويُجمع الاشتراكي والديموقراطي على ان القانون والقضاء والجيش والقوى الامنية، هو الذي يحكم في مصنع الاسمنت.