Site icon IMLebanon

هل ينجح جرّ «القوات» و«المستقبل» نحو التنسيق مع النظام السوري؟

 

هل سيتبدّل موقفُ تيار «المستقبل» من العلاقة مع النظام السوري أو أنه سيشكّل نقطة اختلافٍ مع «التيار الوطني الحر»، تعكّر العلاقة الزهريّة بينهما وتُعيد مشهديّة الرد والرد المضاد بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل؟ وماذا ستكون أولويّة «القوات اللبنانية» في هذا الموضوع الخلافي إن شاركت الأفرقاء الآخرين بالجلوس الى طاولة مجلس الوزراء؟

في حين تُظهر المعطيات والقوى المفروزة بعد الانتخابات أنّ الحكومة العتيدة ستكون حكومة وحدة وطنية، وعلى رغم أنّ التوافق على «القطعة» بين مختلف القوى السياسية سيظلّ سارياً في المرحلة المُقبلة بعد «خربطة» التحالفات السياسية، يُتوقع تكتُّل ما بقي من قوى 14 آذار في وجه قوى 8 آذار عند محاولة فتح أيِّ باب للتنسيق مع النظام السوري، إن من باب عودة النازحين أو زيارات الوزراء أو الكهرباء وغيرها.

يختلف تيار «المستقبل» في هذه القضية مع حليفه الجديد «التيار الوطني الحر» ومع «حزب الله» الذي يبدو أنّ الهدنة بينهما «ستدوم وتدوم» على رغم كل المعطيات الدولية المُتشدّدة نحو الحزب. فيما يبقى هذا الموضوع مُشترَكاً بين «المستقبل» وحليفه «السيادي» القديم-المتجدّد، «القوات اللبنانية».

فصل بين النازحين والتنسيق

عن ربط عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى بلادهم بالتنسيق مع النظام السوري، تؤكّد مصادر في تيار «المستقبل» لـ»الجمهورية»، أنّ «هناك قناعة لدى تيار «المستقبل» مُستندة إلى معطيات بأنّ النظام السوري أقل مَن يرغب باسترجاع النازحين»، مشيرة إلى أنّ «بشار الأسد يتّخذ إجراءاتٍ لإبعاد النازحين وتصعيب العودة عليهم، فالنظام لم يتسبّب في نزوحهم ليعيدَهم لاحقاً، وذلك لأنهم يشكّلون عبئاً ديمغرافياً عليه، خصوصاً على المستوى المذهبي، فأكثريّتهم من السنّة، وجزءٌ كبير منهم معارِض للنظام».

وتؤكّد المصادر أنّ «أيَّ حوار أو تنسيق مع النظام السوري لإعادة النازحين يجب أن يتمّ من خلال الأمم المتحدة القادرة على التنسيق مع النظام السوري، على رغم أنه لا توجد أيُّ بادرةٍ لحلٍّ قريب يسمح بعودة النازحين».

وينطلق تصوّر «المستقبل» بأن لا بوادرَ لعودة قريبة للنازحين إلى سوريا، من «معطيات حقيقية تدلّ على عدم توافر حلٍّ على المستوى السياسي والأمني والعسكري في سوريا، تُمكّن الأمم المتحدة من دعوة النازحين الموجودين في الدول المحيطة إلى العودة». أما «القوات اللبنانية» فترفض ردَّ بعض الجهات سبب عدم عودة النازحين إلى سوريا إلى رفض فريق سياسي في لبنان التنسيق مع النظام السوري، وتعتبر أنّ هذه «المقاربة خاطئة».

وتوضح مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» أنّ عودة النازحين السوريين لا يُمكن أن تتمّ من خلال التواصل مع النظام السوري، بل يجب أن تتمّ بشكل مزدوج:

– مع النظام السوري من جهة إعادة النازحين المؤيّدين للنظام فوراً، من دون تنسيق يُذكر، تماماً كما حصل مع النازحين الذين عادوا أخيراً من مناطق جنوبية لبنانية إلى سوريا.

– فرض قرار سيادي لبناني يقضي بإلزام المجتمع الدولي بإعادة النازحين المعارضين للنظام عن طريق تركيا والأردن، إلى المناطق الآمنة في سوريا، وهي مناطق شاسعة، وأن يتكفّل المجتمع الدولي بتوفير المساعدات لهم داخل سوريا على غرار تلك التي تُعطى لهم في لبنان، في انتظار انتقالهم في الداخل السوري عندما تنتهي الأزمة السورية.

وتؤكّد مصادر «القوات» أنّ «البعض ينظر إلى هذا الموضوع من زاوية واحدة لتسييس هذا الملف، فيما العمل يجب أن يكون بالاتّجاهين. أمّا المحاولات التي كانت قائمة في الحكومة السابقة فكانت تهدف إلى التطبيع مع النظام السوري لا إعادة النازحين».

أبوابُ التنسيق

واجهت حكومة الرئيس سعد الحريري الحالية طروحات بالتنسيق مع النظام السوري أو التطبيع معه، عبر نوافذ عدة، تارةً في ملف النازحين، وتارةً عبر زيارة بعض الوزراء إلى سوريا، وتارةً عبر طرح استجرار الكهرباء من سوريا، ونجح الحريري بإغلاق هذه النوافذ. وفي هذا الإطار، يشير النائب السابق مصطفى علوش لـ«الجمهورية» إلى أنّه «سيتمّ التعاطي مع الملفات في الحكومة المقبلة بـ»القطعة»، وذلك حسب مكوّنات الحكومة»، مشيراً إلى أنّ «كل الضغوطات الواضحة تجاه سعد الحريري وتيار «المستقبل» والقوى السيادية الأخرى تتركّز لفتح أبواب سياسية مع نظام بشار الأسد أو ما تبقّى منه، لا من أجل حلول، فلا يبدو أنّ الحلول في ملف النازحين يرغب بها بشار الأسد على الأقل».

أما موضوع استجرار الكهرباء من سوريا فمختلف عن ملف النازحين بالنسبة الى «القوات»، التي ترى أنه «إذا كانت هناك مصلحة للبنان في هذا الإطار فلن نعترض، فهذا تنسيق إداري بسيط، ولا يعني الإقرار بالنظام أو التطبيع معه».

 

إرضاءُ الدول الخليجية

يرى البعض أن لا مصلحة للبنان بالاستمرار بمعاداة سوريا، وأنّ «ممانعة» التنسيق مع النظام السوري تأتي إرضاءً لعدد من الدول الخليجية. أما علوش فيؤكّد أن «لا ممانعة من أجل الممانعة». ويقول «إن تشكّلت حكومةُ أكثرية جدّية يُمكنها حشر «تيار المستقبل» من أجل التنسيق مع بشار الأسد، سيكون أمام الحريري الاختيار بين التجاوب أو الاستقالة».

ويوضح أن «لا شرعية لنظام الأسد عند جزءٍ كبيرٍ من دول العالم»، مشيراً إلى أنّ «الدول الخليجية دفعت «المستقبل» نحو «السين السين» في 2009، فيما رغبة قياداته وقواعده تتعدى بعشرات الأضعاف رغبة الدول الخليجية بعدم التعامل مع الأسد، الذي يجب أن يَمثل أمام المحكمة الدولية ليُحاسَب على جرائمه ضد الإنسانية».

أما مصادر «القوات» فتقول إنها «لا تتّخذ موقفَ عدم التنسيق مع النظام السوري إرضاءً لأحد، وتؤكّد أنّ موقفها ثابت «طالما الحرب في سوريا قائمة ولم تدخل في عملية السلام ولا يوجد للدولة السورية مقعد في جامعة الدول العربية وما دام النظامُ مصنّفاً على أنه إرهابي من أكثر من دولة غربية من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وغيرها».

وتوضح أنه «لا يُمكن أن نعترف بهذا النظام إلّا بعد أن تحصل الدولة السورية الجديدة على شرعية شعبية أولاً وشرعية عربية ثانياً وشرعية دولية ثالثاً. وقبل هذه الشرعيات الثلاث لا يُمكن للبنان أن يدخل في أيِّ تنسيقٍ أو إقرارٍ بهذا النظام».

 

تصوّر حلّ

وعن تصوّر تيار «المستقبل» حول حلّ ملف النازحين، تقرّ مصادر «المستقبل» بأنه «على رغم أنّ لبنان يعاني على المستوى الاقتصادي من النزوح السوري، لكن لا حلّ إلّا عبر الأمم المتحدة يشمل كل الدول المحيطة، ولا يعتقد أحد أنّ الأمم المتحدة ستُخصِّص لبنان في هذا الملف».

من جهتها، ترى «القوات» أنّ على المعنيين الدفع في هذا الاتّجاه، وتحديداً الوزارات المعنية، ومنها وزارة الخارجية التي هي على تماس مع عواصم القرار من أجل تحويل هذا القرار إلى قرار ملزم، شارحةً أن «علينا كلبنانيين أن نكون مقنعين، فلا يجوز طلب ترحيل جميع النازحين دفعة واحدة، وأيُّ قرار من هذا النوع سيؤدّي إلى إبقائهم في لبنان».