72 نائباً حضروا جلسة إقرار اتفاق 17 أيار (1983) بينهم ثلاثة من كتلة “النضال” وغاب 19. خمسة وستون نائباً أيدوا الاتفاق أي ما يشكل 72% من النواب الأحياء.
المقاطعون كما الحاضرين يمثلون تنوعاً طائفياً وسياسياً. عارض الاتفاق يومها التوأم نجاح واكيم وزاهر الخطيب وامتنع عن التصويت الحليفان ألبير منصور وحسين الحسيني ومعهما النائب رشيد الصلح وتحفّظ النائب عبد المجيد الرافعي. يومها أسقط رئيس النظام السوري حافظ الأسد الاتفاق ولو أراده أن يمشي ليسقط بنداً من بنوده الإثني عشر، لكان رئيس حركة أمل الأستاذ نبيه بري مشى في مقدم صف مؤيدي الاتفاق بكل ما أوتي من قوة ولو أدّت مفاعيل الاتفاق إلى “تطبيع” تجاري، كا هي الحال بين دولة إسرائيل وبعض الدول العربية أو إلى تطبيع كامل. ما يرتئيه الأسد كان يمشي ولو اضطر وزير خارجية لبنان إلى الجلوس بمحاذاة إسحق شامير في مؤتمر مدريد للسلام (1991)، صحيح أن وزير خارجيتنا فارس بويز برم ظهره لـ “القرد الأبله” لكن بإشارة من ممثل النظام السوري كان سيستوي في قعدته ويلاطف جاره.
أمس هبّت رياح التطبيع من إسرائيل على لبنان من خلال مصدر سياسي ـ لم تعرف حتى الساعة لا قرعته ولا قرعة أبيه ـ صرّح للقناة 12 الإسرائيلية “أن سياسة نتنياهو غيّرت الشرق الأوسط، ونحن نريد مواصلة هذا الزخم كي نصل إلى التطبيع مع لبنان”. وراجت خبرية مفادها أن ثمن التطبيع الانسحاب من النقاط الخمس، لكن النفي جاء من الجهتين المعنيتين، أي لبنان والكيان الصهيوني. الحكومة اللبنانية سدت منافذ الريح كي تستريح. وزير الخارجية اللبناني نفى بشكل قاطع صحة ما تم تداوله في مسألة التطبيع. من جهة العدو الحاقد واللئيم صرّح ألون أفيتار، وهو مستشار “صهيوني” سابق أن “مفهوم التطبيع بشكل عام غير قابل للتحقيق في فترة زمنية قصيرة، بل يتطلب سلسلة معقدة وطويلة من الاستعدادات والمفاوضات، بالإضافة إلى تغيير في الإيديولوجيات”.
من طهران يبدأ التغيير الإيديولوجي. أليس هذا ما قصده “المخادع” أفيتار؟
فماذا لو نزل الإلهام غداً الأحد الساعة “9 ونص إلّا خمسة “على رأس السلطة المطلقة في إيران وفحواه التطبيع عاجلاً مع واشنطن وآجلاً مع تل أبيب؟ فكيف سيتصرف إذّاك الجناح الإيراني في لبنان؟ هل سيغير إيديولجيته المستندة إلى مفاهيم غيبية؟ أو سيأتي يوم يُصدر فيه الجلندح محمد رعد بياناً يعلن فيه عن قطع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية إن هي طبّعت مع الكيان الغاصب؟ سؤال افتراضي صالح لمدة خمسة أعوام ويُجدَّد عند الضرورة.
