Site icon IMLebanon

إسترداد إنشاءات كهرباء زحلة… لا يعني “العتمة”

 

في 18 كانون الثاني الماضي، وبتأخير دام خمس سنوات، صدر عن مجلس الوزراء مرسوم «تحويل إنشاءات الإمتياز السابق لشركة كهرباء زحلة الى مؤسسة كهرباء لبنان». شكّل هذا المرسوم أحد الموجبات القانونية الأساسية لإتمام عملية تلزيم «الخدمات الكهربائية» ضمن نطاق إمتياز زحلة، وفقاً لما ورد في المادة الأولى من القانون رقم 198/2020 الذي مدد لشركة كهرباء زحلة عقدها التشغيلي مع مؤسسة كهرباء لبنان سنتين، مشترطاً في مادته الثانية أن يتم إطلاق مناقصة تلزيم عمومية في هذه الفترة.

 

ووفقاً لما ورد في المرسوم، ستحوّل شركة كهرباء زحلة لمؤسسة كهرباء لبنان بموجب جردة يتم اعدادها بينهما، كامل الموجودات، من إنشاءات وتجهيزات، ومعدات ومبان ومحطات، على أن يتم تحديد قيمتها بموجب مخالصة تجري بين الدولة وأصحاب الإمتياز. كما تحوّل الحقوق والأمانات وتأمينات المشتركين والأصول المالية والنقدية العائدة الى إمتيازها السابق. وهو قد لامس أيضاً هواجس مستخدمي الشركة حول مصيرهم، عبر تأكيده على ضرورة إتخاذ مؤسسة كهرباء لبنان الإجراءات الآيلة لتسوية أوضاعهم، إنسجاماً مع المرسوم 7716 الصادر في العام 1967 ومادته التاسعة التي تنص على إستخدام الأجراء التابعين للمشاريع المستردة. على أن تباشر المؤسسة بإدارة الإمتياز وإستثماره وفقاً لقوانينها وأنظمتها المرعية.

 

يبدو نص المرسوم لغير الملمين بالملف، وكأن هناك أشبه بوضع يد فوري على هذه الممتلكات للإنطلاق بإدارتها مباشرة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان. وقد شكل إثارته نوعاً من التهويل بإمكانية ان يفقد المكلفون من ضمن نطاق الإمتياز لنعمة الكهرباء المتواصلة 24 على 24 ساعة. إلا أنه بحسب النائب جورج عقيص هذا ليس واقع الحال، مشدداً على أن شركة كهرباء زحلة معنية بتسيير هذ المرفق إلى أن تنجز عملية تلزيمه الجديدة. وبالتالي طمأن إلى أن «لا تغيير بواقع كهرباء زحلة، لا بل على العكس نحن متجهون نحو تعميم تجربة كهرباء زحلة على المناطق الأخرى بشكل قانوني وممأسس».

 

والواقع أنّ صدور مرسوم إسترداد منشآت إمتياز زحلة السابق ليس أمراً طارئاً. بل هو إجراء «ضروري» لإعادة إطلاق مناقصة تلزيم خدمات الكهرباء ضمن الإمتياز بعد تجميدها، وكل إجراء مخالف يعتبر تهرباً من تطبيق القانون 198، كما أكدت مصادر معنية لـ»نداء الوطن».

 

عملياً إنتهت فترة العقد الممدد لشركة كهرباء زحلة نهاية العام 2022، وتخللتها محاولة أولى لإطلاق المناقصة لم يكتب لها النجاح، بسبب تضارب الآراء حينها حول خضوعها لقانون الشراء العام الذي كان قد صدر حديثاً. فجاء إطلاق الثانية في شهر آذار 2023 خاضعةً تماماً لقانون الشراء العام.

 

حددت أولى جلسات فض عروض هذه المناقصة في 22 أيار 2023، لتمضي منذ ذلك الحين من تأجيل الى آخر، إلى أن جرى تجميدها في آخر جلسة لفض العروض كانت محددة بـ19 تشرين الأول، بقرار إتخذته مؤسسة كهرباء لبنان وجرى تعليله «بضرورة إجراء تغييرات جوهرية على دفتر الشروط، وبناء على توصية هيئة الشراء العام».

 

من الملاحظات الأساسية لهيئة الشراء العام على مسار المناقصة منذ البداية، كان إطلاقها قبل إستكمال إجراءات إسترداد الإمتياز، علماً أنّ هذه الإجراءات قد بوشر بها منذ العام 2016 بموجب كتاب صادر عن وزارة الطاقة حينها، وقد نص القانون 198 على ضرورة إستكمالها. وللتأكيد على هذا الطلب، صدر قرار في 23 شباط 2021 بتشكيل لجنة حددت مهامها بإعداد جردة بالموجودات الداخلة ضمن نطاق وملكية الإمتياز، والموجودات خارج نطاقها، وتقدير قيمتها، ومن ثم وضع محضر تسلم وتسليم عناصرها.

 

وفقاً لوثيقة إحالة من وزارة الطاقة إطلعت عليها «نداء الوطن»، فإنّه على رغم أربع مذكرات أرسلت للجنة المذكورة ولمصلحة المراقبة الإدارية والمالية في مديرية مراقبة الإمتيازات، كان آخرها في تشرين الأول من العام 2023، أي بالتزامن مع تجميد المناقصة، فإنّ اللجنة لم ترفع أي تقرير يبيّن تنفيذ مهماتها. هذا في وقت ربطت مؤسسة كهرباء لبنان إنجاز الأمر بصدور مرسوم عن مجلس الوزراء، موضحة لـ»نداء الوطن» إثر تجميد المناقصة بنهاية العام الماضي، أنها طلبت من وزارة الطاقة العمل على إصدار المرسوم في تشرين الأول 2022، أي قبل إطلاق المناقصة الثانية بأشهر، لتعيد وتذكر بطلبها مرتين في نهاية العام 2022 وبداية العام 2023.

 

ولكن أن يأتي متأخراً خير من أن لا يأتي أبداً. وبحسب المعلومات فإنّ الوزير وليد فياض أبلغ مستطلعيه حول مفاعيله، بأنه سيذلل أهم أسباب عدم إتمام المناقصة حتى الآن. هو بالتالي يعطي الإشارة لإعادة إطلاق المناقصة مجدداً متى أنتهت مؤسسة كهرباء لبنان من إجراءاتها. ليبقى هاجس آخر حول الآلية التي ستعتمدها المؤسسة لإسترداد المنشىآت من دون أن يؤدي ذلك خلال فترة التسليم والإستلام الى تعطيل التغذية المتواصلة عبر مولدات شركة كهرباء زحلة، علماً أنّ هذه المولدات شكّلت سابقة كسرت مبدأ حصر الإنتاج الكهربائي بمؤسسة كهرباء لبنان، إثر ربط مولدات الشركة الخاصة بالشبكة العامة لتأمين الكهرباء 24 على 24 ساعة متواصلة في زحلة و16 قرية بقاعية تقع ضمن نطاق الإمتياز السابق. وعليه فإن الأمر لن يخلو من تعقيدات قد تطيل أمد إطلاق المناقصة مجدداً.

 

يوضح مصدر متابع للملف لـ»نداء الوطن» أنّ الإذن الإستثنائي الذي حصلت عليه شركة كهرباء زحلة بإستخدام شبكة النقل العامة منذ العام 2015، سيبقى ساري المفعول حتى تُنجز عملية التسليم والتسلم بين مؤسسة كهرباء لبنان والرابح بعقد التشغيل، فيما تبقى حظوظ شركة كهرباء زحلة باستعادة التشغيل، هي الأعلى. هذا في وقت يؤكد مصدر معني أيضاً أنّه لا خشية على تراجع مستوى الصيانة المقدمة خلال هذه الفترة خصوصاً أن تسيير المرفق العام يتضمن الإستمرار بتأمين الصيانة، والتي أكد أنها تتم منذ إنهاء إمتيازات شركات الكهرباء على نفقة مؤسسة كهرباء لبنان.