راحوا عَ العيد”.. وإنْ كانَ “العيد بعيد” قطعوا المسافات.. عَبَروا الحواجز.. خاضوا مهالكَ الجرود.. واستقرّوا مع أبنائهم نِصفَ نهار هناكَ في الجرود قربَ البساتينِ المقطوعةِ الظِل يَقبعُ عسكريونَ مخطوفون يُربّون الأمل وإن تكللوا بالسواد.. جلسوا قربَ حريتِهم.. وفي حِضنِ عوائلهم.. نَسَوا الألمَ تماماً كما يفعلُ الصاعدونَ إلى الله.. ما بينهم وبين عوائلهم عتبةُ حرية وَقفوا عليها.. فلا خُطوة يَخطونها بعد زَرْدِ السلاسل . هناكَ في الجرود عسكريونَ أَرهقهم الانتظار.. يَعُدّونَ الأيامَ العابرة على مَرمى حريةٍ منهم.. يُفصِّلون للوقت شكلَ انتظارِ الفرج ورُب قائلٍ: حانتِ الساعةُ بإعادة المِلف إلى الضوء معَ تحرّكِ الوساطةِ القطرية لدى الحاضنةِ التركية ورُبّ قائلٍ أيضاً إن سيناريو أعزاز يتكررُ في جرود عرسال.. وأبو مالك التلي تَقمّص دورَ أبو ابراهيم فاستضافَ الأهالي في ديارِ الأَسر كبادرةِ حُسنِ نية لكنَ المؤكد أن أبو طاقية كان الدليلَ السياحيّ للأهالي.. خَلع قبعةَ الإخفاء وانتَحل صفةَ دولة بغِطاءٍ من خليةِ الأزمة وإذا كانت النصرةُ قد أهدتِ الأهالي رؤيةَ أبنائِهم.. كان حَرياً بها أن تعايدَهم بإطلاق سراحِهم لا أن تُعيدَ القضية إلى المربعِ الأول بعد وصولِها إلى ربعِ الميل الأخير . أما النيّات المبيّتة فأُدرجت اليوم في خانةِ اختفاءٍ أو خطفٍ لم تتضح معالمُه بعد خمسةُ تشيكيين ولبنانيّ فُقدوا على طريقِ كفريا في البقاع الغربي وكل ما يَجري تداولُه من معلوماتٍ لا يتعدى إطارَ التكهنات . وإلى النيّات الظاهرة.. بالخلايا النائمة مئات المنتمين إلى تنظيم داعش أُلقي القبضُ عليهم في السعودية.. والمئاتُ مقسّمون إلى خلايا إرهابية ضَربت مسجدي (2) القديح والعنود وكانت تستعدّ لتفجير سبعةِ مساجد وأهدافٍ أمنية في أكثر من منطقة في المملكة ويحمِلون جنسياتٍ مختلفة.. فمنهم السعوديُ واليمنيُ والمِصريُ والسوريُ والأردنيُ والجزائريُ والتشاديُ والنيجيريُ.. وآخرون غيرُ مُحدّدي الهوية . المملكةُ إذاً أصبحت مَقراً بعدَ أن كانت ممراً إلى بلاد الشيشان وباقي الدول على وزن أفغانستان.. والخلايا قامتْ بهجرةٍ معاكسة.. وبتأشيراتٍ إسرائيلية عَبَرت من معان إلى تبوك.. وصِلةُ الوصل الحدودُ الأردنية . ما أَفرجت عنه المملكةُ من معلوماتٍ بمفعولٍ رجعي يعودُ إلى أسبوعٍ مضى أمرٌ جادُ وخَطِر.. والسعودية ومعَها دولُ الخليج أصبحت كبراقش التي جَنت على نفسِها.. وهي اليومَ تخوضُ حربَ ردّةِ الإرهابِ عليها فهم مَن شَدّوا أَزرَهم وأمدُّوهم بالسلاحِ والمال.. وحرّروهم من سجونِهم وأَطلقوهم في ديارِ الخلافةِ الواسعة بعدما شَرّبوهم فكراً متطرفاً وإرهاباً عابراً للدينِ والعقل وبعدما أَفرغت واشنطن خزائنَ الخليج ثمناً للسلاح لمواجهةِ عدوٍ أصبحَ صديقاً لَدوداً.. نَفَضَ أوباما يديه من محاربةِ داعش.. ودعا إلى إقامةِ تحالفِ دولِ الجوار لمحاربةِ التنظيم والقضاءِ على آفةِ الإرهاب وإزاءَ هذا الواقع بات هذا التحالفُ أكثرَ من ضرورة لمحاربةِ داعش.. ومُداواتِه بالذين كانوا هُمُ الداءُ.
