
هبت رياح التعيينات والمناقلات والتشكيلات فتشكل السياسيون كل وراء ادارة وهيئة وخلف القضاة والمديرين للتسمية والترشيح والدعم وتوفير الخلفية السياسية لمعظم المواقع.
هو زمن البنيان في الادارات والجسم القضائي لتقديم تجربة تشبه لبنان وتداخل سلطاته وتعيين مجسمات سياسية في قلب كل ادارة ودائرة وما تيسر من قضاء.
وعلى الاقل هذه هي الامال السياسية التي تمني النفس بزرع عيون وآذان واذرع لها داخل المؤسسات الامنية والادارية والقضائية، لكن ما كل ما يتمنى المرجع السياسي يدركه وقد تجري رياح التيار والعهد بغير ما تشتهي السفن.
والى التعيينات الامنية والتشكيلات القضائية كان تعيين الجلسة الثانية لمحاكمة حبيب الشرتوني امام المجلس العدلي يعيد البلاد الى منطقين لا يلتقيان بشير والشرتوني الخيانة والقصاص بحسب مفهومي الكتائب والقومي السوري والمواقف الصادرة عن المناصرين خارج قصر العدل اعادت الوطن الى ثمانينات القرن الماضي حيث لا يزال القوميون يرون في بشير عميلا لاسرائيل ولكل خائن حبيب، فيما يرفع القوات والكتائب رئيس الجمهورية الاسبق الى رتبة شهيد وبطل لن يكرره الزمان ويطالبون بمحاكمة حبيب الشرتوني ومهندس الاغتيال نبيل العلم الرجل المتوفى غيابيا والحاضر حيا في السجلات الرسمية.
لكن المجلس العدلي يدرك انه يقاضي رجلا اصبح من التاريخ وان تجريده من ممتلكاته واعتباره فارا من وجه العدالة لن يغيرا في المعادلة لان السؤال الاهم اي بشير اغتاله القوميون قبل35 عاما؟ واي قومي يحاكم اليوم؟ فالمحاكمة ليست خلف القضبان حاليا وانما وراء حدود لا داعي الى ترسيمها ولو كانت نيات المحاكمة متوافرة لتمت في خلال حكم ولي الدم الرئيس امين الجميل، اما نبيل العلم فلم يدفن لكن اسراره دفنت معه وعدا كل ذلك فان الاعتراف نفسه هو سيد الادلة ومن شأنه ان يوفر على المجلس العدلي وفهوده عناء البحث والتحري وعلى المحامي ادمون رزق المطالعات القانونية والدفوع الشكلية المترافقة مع استهلاكه للحنجرة الصوتية لكون المنفذ قد اقر بما فعل في مؤتمر صحفي قبل تسليمه من القوات اللبنانية الى السلطات الرسمية قائلا “انا حبيب الشرتوني لست نادما” مكررا اقواله ومستعدا لتكرير افعاله.