يخطو عالمُ ما بعدَ النَّوويِّ إلى السياسيةِ الناعمة.. ويقبعُ لبنانُ في عيدِه على مُفاعِلِ الناعمة.. إيرانُ والدولُ الكبرى تحتفلُ بإنجازِها ونحن نطوّقُ الوطنَ بطوابيرِ نُفاياتٍ نستضيفُها معنا في عيدٍ يُفترضُ أنه سعيد.. ولم نتمكّنْ على مرِّ الحكوماتِ المتعاقبةِ مِن إيجادِ حلٍّ لهذهِ الأزْمةِ الآخذةِ في التأجيل . العدوى من بعضِها.. نُفاياتٌ سياسيةٌ تُمدَّد “وزبالة” تتمدّدُ إلى أن أصبحت على بابِ الدار وإذا كان المَطمرُ جريمةً بيئيةً فإنّ الجرائمَ الإنسانيةَ باتت في متناولِ المدن.. بينَها في الساعاتِ الأخيرة مطاردةٌ في قلبِ الصيفي وجريمةٌ في قبرشمون على خلفيةِ أفضليةِ مرور . وعلى الجرائمِ غيرِ الموضوعةِ قيدَ التطبيق أُعيدت اليومَ محاكمةُ الوزيرِ السابقِ ميشال سماحة.. الذي انقلب على إفاداتِه السابقةِ وأعلن أنه أدلى بها على وقْعِ الضغطِ النفسيِّ والجسديّ.. وطلب وكيلُ الدفاعِ عن سماحة الاستماعَ إلى إفاداتِ ثلاثةِ شهود هما: المُخبر ميلاد كفوري وعُنصرانِ آخرانِ منَ المعلومات.. على أن يبدأَ الاستجوابُ الفعليُّ لسماحة في السابعَ عَشَرَ مِن أيلول فإذا كان القضاءُ العسكريُّ بصددِ استعادةِ وقارِه بعد ما حلَّ بهِ مِن شكوكٍ أعقَبَت الحُكمَ المخفّفَ الأولَ فليس أمامَه سِوى طلبِ مثولِ الشاهدِ كفوري.. الذي بيّنتِ الوقائعُ أنه لم يَقصِدْ ميشال سماحة “لأكل الصبير” فحسب.. بل إنّ أدوارَه تَستدعي الاستماعَ والتحقيقَ والمثولَ أمامَ القضاءِ كغيرِه مِنَ المشكوكِ في رواياتِهم.. ومن تمكّن مِن تأمينِ الحمايةِ لكفوري كلَّ هذه المدة لا بدّ أنه قادرٌ على تزويدِه بها لإمرارِ جلسةِ الاستماع والتعامل معَ قضيةٍ كهذه.. على اعتبارِ أنهم جميعاً شركاءُ إلى أن يَثبُتَ العكس وما دام القضاءُ اللبنانيُّ يسيرُ وَفقاً لنُظمِ قواعدِ الإجراءاتِ والإثباتِ في المحكمةِ الدَّوليةِ ويُطبّقُ مبادئَها من دونِ تركِ حريةِ القرار وبتخلٍّ كاملٍ عنِ السيادةِ فبإمكانه هنا الاستعانةُ ببندِ الشهودِ الواردِ في قانونِ لاهاي.. إذ إنّ المحكمةَ الدَّوليةَ تطبّقُ على الشاهدِ قوانينَ صارمةً وتحوّلُه إلى مُتهمٍ ما لم يَمتثلْ ويُقدّمْ ما لديهِ مِن وقائع وكفوري ليس أفضلَ حالاً مِن مئاتِ الشهودِ المرتهنين للمحكمة سواءٌ بإرادتِهم أو عَنْوةً . نَووياً.. تتّجهُ الأنظارُ الى الكونغرس للتصويتِ على الاتفاق.. وسْطَ أنباءٍ عن أكثريةٍ معارٍضةٍ على خلافِ إعلانِ زعيمةِ الديمقراطيينَ نانسي بيلوشي من أنّ الاتفاقَ هو أفضلُ الممكن لكنَّ الغربَ لا ينتظرُ التصويتَ وكلٌّ يحجِزُ له مَقعداً إلى طهران وآخرهم رئيسُ مجلسِ الوزراءِ البريطانيّ الذي رحّبت إيرانُ بقدومِه في أيِّ وقت . لبنانُ لم يُدعَ بعد.. غيرَ أنّ حكومتَه ستجدُ نفسَها أمامَ استرجاعِ الدفاترِ القديمةِ والنظرِ سريعاً الى عروضٍ مغريةٍ قدّمتها الجمهوريةُ الاسلامية الى حكوماتِ السنيورة وميقاتي وسلام.. وكلٌّ تجنّبَ حينذاك أقرارَ أيِّ اتفاقٍ معَ إيرانَ بحُجةِ التزامِ العقوباتِ المفروضةِ على هذا البلد لكنْ ماذا ستقرّرُ الحكومةُ اليومَ بعدَ رفعِ العقوبات.. أمامَها ثلاثةُ ملياراتٍ سُعودية لم تتحرّكْ بعد.. ومليار هو حصيلةُ صفْقةٍ بين سعد الحريري وخالد التويجري وقد ضاع وتبخّر وفي المقابل فإنّ في أوراقَها الرسمية مشاريعُ عقودٍ معَ إيران تنيرُ لبنان بالكهرَباء وترفِدُ جيشَه بالسلاح وبقروضٍ مخفّفةٍ وطويلةِ الأمد.. وقد عاين وزيرُ الدفاع سمير مقبل مصانعَها ومفاعلَها وعاد مبهوراً مِن دونِ أن يكونَ له حريةُ التقرير فهل تصابُ الحكومةُ اليومَ ببُعدِ نظر وتوكلُ مُهمةَ التنفيذ إلى نظريان؟ ربما وزيرُ الطاقة الأرمني.. سيتمتّعُ بطاقةٍ خارقة تنتشلُ الوطنَ مِن العَتَمة.. والمؤسسةُ العسكرية مَن نَقَصَ العَتاد.
