طاف توم براك بالطوافة ولم يجد مدرجا لهبوط آمن على أرض الجنوب ما اضطره تاليا للجلوس ساعتين في قاعة الانتظار في ثكنة الجيش بعدما شد أهل القرى الأحزمة وقطعوا بأجسادهم وأعلامهم وصور شهدائهم الطريق.
على جولة كان من المفترض أن تشمل البياضة وصور وما تبقى من مدينة الخيام انطلاقا من مرجعيون الطواف فوق أرض الجنوب حرام على سفير يحمل الجينات اللبنانية بهوية أميركية.
ولولا مواقفه الأخيرة لكان أهل القرى بادلوا الزيارة بكرم الضيافة الجنوبية وواكبوه بجولة ميدانية على ما تبقى من هياكل البيوت وقدموا له جردة حساب بخسائر منازلهم وموارد رزقهم وجعلوه يرى بأم العين ما اقترفته إسرائيل من دمار شامل.
عاد براك أدراجه لكن المهمة لم تنته وعاصفة مفاعيل الزيارة الخامسة في يومها الأول لم تهدأ بل أثارت زوبعة من المواقف والتحليلات أجمعت على أن الهجمة الأميركية بوفد رفيع المستوى انتهت بهجمة مضادة.
وفي التفاصيل أن براك لم يرجع برد إسرائيلي بل بمهمة إسرائيلية أصعب واستبدل “الخطوة بخطوة” بمعادلة “خطة مقابل خطة” قائمة على ربط الانسحاب الإسرائيلي الجزئي بخطة الجيش المرتقبة لحصر السلاح وباتت معها الأمور معلقة على طلبات لبنان وردود إسرائيل السلبية.
غادر براك منطقة التفاوض إلى مربع الضغط على لبنان كون الولايات المتحدة الأميركية لا تملك أدوات الضغط على إسرائيل وكل ما تلاها من إشادات بقرارات الحكومة ضربت عرض الحائط بالشروط الجديدة وتركت لبنان بلا خيار بعدما قام بخطوتين مقابل لا خطوة.
فلبنان التزم بوقف إطلاق النار منذ اتفاق تشرين وأقر بجلستي الحكومة قرار حصرية السلاح بيد الدولة ويستعد لمناقشة خطة الجيش في الجلسة الحكومية المرتقبة والجيش لا يمكنه تنفيذ المطلوب منه والانتشار على كل الأراضي جنوب الليطاني ما لم تنسحب إسرائيل في الوقت الذي لم تتوقف فيه الاعتداءات الإسرائيلية.
والنقاط الخمس المحتلة أصبحت بعدد أصابع اليدين ليستقر الوضع على ما أدلى به المفاوض باسم الثنائي إذ قال رئيس مجلس النواب نبيه بري إن الأمور ليست سهلة وإن الوفد الأميركي لم يأت بأي شيء من إسرائيل وبالتالي ذهبت الأمور نحو التعقيد مجددا.
وأضاف أن الأميركيين أتونا بعكس ما وعدونا به وعليه أفاد مقربون من عين التينة بأن بري أبلغ حزب الله بأن السبل ضاقت به وعلى طريقة الإسناد لعين التينة أوعز حزب الله للمعاون السياسي بإصدار بيان حذر فيه المسؤولين الرسميين في لبنان من الوقوع فيما أسماه الأفخاخ القاتلة وجر البلد إلى حرب أهلية.
وتقدم المعاون السياسي خطوة باتجاه رئيس الجمهورية بعد نأي عن التواصل ووضعه على رأس الحريصين على استقلال وأمان البلد لإعادة النظر بالشكل والمضمون في التعاطي مع ما يحمله الموفدون الدوليون والإقليميون أعادت حارة حريك همزة الوصل مع بعبدا وغدا لناظره قريب في اجتماع ثنائي يجمع محمد رعد برئيس الجمهورية في بعبدا.