من فجر حولا ونسف العدو لمنزلين فيها الى صباح البيسارية الذي افتتح بشهيد، فالجرمق والمحمودية والقطراني والشعرة البقاعية في النبي شيت، حتى ساحات الهرمل التي نجت باهلها من غارة على شوارع المدينة، كان اليوم اللاهب المفروض من الصهاينة على اللبنانيين على مسمع ومرأى الدولة التي تحتكر السلم والحرب، والوفود الاميركية التي تجوب المقرات والوزارات بحثا عن وسائل خنق جديدة للبنانيين واقتصادهم المحتضر.
وعلى حد العدوان الذي يفتك بالوطن واهله وسيادته، كان بعض حضرات النواب غارقين في ايجاد السبل الى حلم الحياد واقتراحه فقرة في مقدمة الدستور.
وان كان هؤلاء لا يقدمون للبنانيين وبلدهم شيئا بل يؤخرون تعافي الجرح الوطني برش حقدهم على جراح ابنائهم المصابين من عدو غاشم يقتلهم كل يوم وينتهك سيادة وطنهم، فان الاسرائيلي نفسه لا يعير اهتماما لهؤلاء نوابا كانوا او وزراء او حزبيين او اعلاميين، ولا لكل دعواتهم بالتفاوض والحياد والسلام ، فما يريده منهم شيء واحد طالما اجادوه ويريدون فرضه على البلد، وهو الاستسلام.
وفيما ترتفع الاصوات الاميركية وتجول وفودها بسوط العقوبات والتهديد والوعيد على اللبنانيين، كان صوت دونالد ترامب يرفع في البيت الابيض ترحيبا بحاكم سوريا المؤقت احمد الشرع بعدما وافق على الدخول الى الحضن الاميركي كأول رئيس سوري منذ الاستقلال، مبررا سلوكه هذا الطريق بامل رفع العقوبات الاميركية عن الاقتصاد السوري، متناسيا كذب الوعود الاميركية والاسرائيلية وحتى العربية التي أغدقت على دمشق لشهور، ولم يتحقق منها شيء رغم اعطاء حكومتها كل شيء حتى ملامسة التوقيع على اتفاقات امنية اوصلت القوات الاسرائيلية الى بوابة دمشق الجنوبية.
ومن بوابة غزة حضر موفدا الرئيس الاميركي “جاريد كوشنير” و”ستيف ويتكوف” الى تل ابيب للبحث بمصير اتفاق وقف اطلاق النار في القطاع، بعد ان قطع بنيامين نتنياهو اوصاله بخروقات يومية ادت الى ارتقاء مئات الشهداء والجرحى بشهر واحد. وباللغة المغمسة بالحرص على المصلحة الاسرائيلية كانت النقاشات، على نقيض اللغة الاميركية المخصصة للبنانيين والسوريين وعموم حكام المنطقة.

