IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 10/08/2019

حفل تأبين الذكرى الأربعين لحادث قبرشمون، أقيمت مراسمه اليوم على طاولة مجلس وزراء بعبدا. حضر الكامن الأول وغاب الكمين الثاني. وصل الوزيران شهيب والغريب، وتجنب باسيل المشاركة منعا لالتقاء الساكنين، وحرصا على سرية صناديق البيض والبندورة المتفجرة على طريق “البساتين”.

أربعون قبرشمون وصل إلى خواتيمه بنجاح، على أيدي منظومة الأربعين حرامي التي وصلها الوحي في اللحظات الأخيرة. ووفق حكمة النائب جميل السيد فإن “الزبالة ما بتصير بقلاوة”. وتبعا لهذا التقويم، فإن مصالحة الأمس لن تكون قطعة حلويات، لكونها انتهت من دون أن يعرف اللبنانيون: من ربح في المعركة؟، من خسر؟، من تعادل؟، وماذا تضمنت صفقة التسوية على جرح الجبل؟.

قبل المصالحة رفعوا شروطهم إلى الأعالي، وبعدها دخلوا البازار، وظهر أن الجمهور والإعلام هم الذين حفروا القبر، وأن السياسيين هم من أغلقوه وقاموا بعملية إنقاذ. والجميع منذ اليوم الأول كان يطالب بقضاء على مقاسه. وتعرف اللبنانيون بفضلهم على مزايا المجلس العدلي و”مكامخ” المحكمة العسكرية، ورذائل القضاة إسما باسم وموقعا بموقع.

وبشهر وأيام عشر، صار السياسيون فقهاء قانون، ارتدوا أروابا “بيض وسود”، وراحوا يقرأون علينا “توابل” قانونية مع رشة أحكام. ومع ثلاثة أسطر سفارة، هطلت المبادرات وأخرج الرئيس نبيه بري أرنبا كان مرفوضا من شهر، فابتدأت لدى بري وانتهت لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا داعي بعد ذلك لأن يتعرف اللبنانيون على صيغة الحل ولا على ماذا اتفقوا، أو على أي من الملفات سيعاودون الخلاف غدا، ويكفي أن يرسلوا إلينا بالبلاغ رقم واحد من أنهم “جبهة الإنقاذ الوطنية” التي قدمت التضحيات على مذبح الوطن.

هم ضحوا باللبنانيين ليحيا الزعيم، فيما الشعب مخدر، لا يقوى على الانتقاد. وهذا الشعب عليه أن يتحمل المير طلال إرسلان واحدا وأربعين يوما وليلة، يتلو فيها تعويذة المجلس العدلي ويقسم بالصوت المبحوح أنه لن يحضر جلسة، لا مجلس عدلي فيها، ولما عقد مؤتمره الصحافي اليوم ابتلع المجلس العدلي مع حبة تحت اللسان. وهي الحال مع صالح الغريب، الوزير المكمون، الذي انتهت لديه قضية قبرشمون بأنه “عدى” على أكرم ولم يسلم.

وليد جنبلاط بدوره عبر إلى المختارة من طريق قبرشمون، ووافته الجماهير بتحية إلى الزعيم. فيما العهد وضع مجسما للحل وضمه إلى الحلول القوية. وبتوصيف الوزير الياس بوصعب من ساحة عين دارة، فإن دماء الشهداء في الجبل لم تذهب سدى حيث انتهى زمن الميليشات وبدأ زمن الدولة القوية.

لكن كل هذه المصالحات، ما علاقتها بقضية قضائية صرف؟، وأي منطق بين التسويات وسير أعمال العدالة؟. لا وجه شبه بين الأمرين، إلا إذا قارنا قبرشمون ببيونغ يانغ، ففي اتصال بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الجنوبي، يعتذر الرفيق كيم ويؤكد لترامب أن تجارب صواريخه النووية سوف تتنتهي فور الانتهاء من التدريبات العسكرية. صدقه الرئيس الأميركي، لاسيما بعدما تلفظ كيم بكلمة sorry بالكوري الجنوبي، والطرفان يعرفان أنهما يكذبان على بعضهما البعض وعلى العالم. فلا صواريخ كيم ستتوقف عن التجارب، ولا الرئيس الأميركي سيحارب كوريا على نشاطها النووي.

وعلى القياس اللبناني، فإن زعماءنا لا تصالحوا ولا تصارحوا، فيما اللبنانيون حقل تجارب.