على ضربة يومين من الاستقلال أعلن المدعي العام المالي علي ابراهيم استقلاله القضائي وأقدم على حركة تحرر أفلت بها هذه المرة من قيود المرجعيات السياسية فرمى بسهم واحد أصاب به ثلاثة وزراء سابقين ومديري شركتي الخلوي والمدير العام لأوجيرو وعلى خطوط واحدة شمل الادعاء وزراء الاتصالات السابقين: نيكولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجراح. وإذ شمل الادعاء مواد تتعلق بهدر المال العام لكل من صحناوي وحرب فإن المدعي العام اصطفى الجراج وميزه من أقرانه فخصه بتهمة الاختلاس تكريما لخدماته.
وفي أول ردود الفعل فقد وضع حرب نفسه في تصرف القضاء فيما أعلن صحناوي أنه لم يتبلغ، لكن لا شيء لديه يخفيه أما الجراح فقد أبرز مستند الحصانة وقال للقضاء “أن لا حق له بالادعاء”، والذي وضعه ضمن الحملة السياسية المبرمجة لاستهداف فريقه السياسي.
ومع أن الجراح قد تحدى القضاء لكن المسألة المتعلقة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء سيدخل منها الوزير متهما ويخرج بلا محاكمة وربما مع تعليق وسام على صدره وإن ضبط بجرم الاختلاس المشهود .
فالمجلس الأعلى سلطة أعلى من أن يطالها أحد نظرا إلى شروطها الصعبة وسياجها السياسي المحكم وصعوبة ضمان الثلثين ثم إن المجلس الأعلى لم يجر تشكيله من الأساس وأصبح من
ذاكرة الدستور. وإذا حدثت المعجزة وتشكل فإنه سيكون صورة عن سياسيين يضعونه في التصرف.
واحتسابا على هذه المعادلة فإن الادعاء لن يتعدى القنبلة الصوتية لكنه أحدث دوي قضاء ” شد ركابه” وأيقن أن قرع الطناجر يدنو حتى من الجسم العدلي الذي يتلكأ في الضرب من تحت الحزام السياسي، ولو اقترن هذا الادعاء بإقرار القانون المعجل المكرر برفع الحصانة عن الرؤساء والوزراء والمقدم من النائب حسن فضل الله في مجلس النواب والموقع من النائب هاني قبيسي لفك ارتباط الرؤساء والوزراء عن المجلس الأعلى للمحاكمة ولخضع المتهم منهم لقضاء عادي كبقية خلق الله.
وفي الأسباب الموجبة للادعاء فإن القاضي ابراهيم استند إلى ما سبق وادعى به النائب جهاد الصمد فيما ساهمت قناة الجديد بملفات أهونها ما يتعلق برعاية المهرجانات ودفع أموال الى جمعيات من المال العام.
وادعى ابراهيم على المدير العام لهيئة أوجيرو بالإثراء غير المشروع على خلفية تقاضي رواتب مضخمة وأموال عن ساعات إضافية، وعلى تفصيل مواد الادعاء وقضاياها ومساحة فسادها، تعقد هذه الليلة جلسة تداول على الهواء في يوميات ثورة، مع صحافة الجديد الاستقصائية التي كانت على مدى سنوات في مطاردة دائمة مع الملفات المدعى بها .
وعلى طريق القضاء غابت السياسة الا من بضع شائعات تتعلق بتنحى كتلة المستقبل عن المشهد النيابي لكن هذه الأنباء سقطت في أرضها فيما لا تزال الاستشارات النيابية الملزمة حبيسة قصرها.
وهذه الاستشارات لا يرجح أن تشهد استقلالها عشية العيد ولا في الكلمة المباشرة لرئيس الجمهورية يوم غد حتى الاعياد غابت وحده عيدها يحل شمسا على بلاد بنت فيروز مجدها. فكل عام ونحن في حصانتها .