بلَغَ سَيلُ التصريحاتِ الزُّبَى ومعه كَذِبَ المفَسِّرونَ ولو صَدَقوا، ففي كلِّ مَقامٍ حَلَّ فيه المبعوثُ الأميركي توم برّاك كان له مَقال وعلى خُطى رئيسِ البيت الأبيض قال برّاك الشيءَ وضدَّه، وإنْ ظَهَّر مواقفَه بصِيَغٍ مختلفة إلَّا أنها بقيت في الإطارِ السليم وانتَهت إلى المَصَبِّ نفسِه تحت “فصل” سياسةِ العصا والجَزَرة . قال براك إنَّ هذا هو وقتُ لبنان، إذا أَرَدْتُم مساعدتَنا، فنحن هنا، وإن لم تَرغبوا فلا بأس، سنغادرُ ببساطة وما بين السطور شرّحَ المبعوثُ الأميركيُ الموقف، فالحكومةُ اللبنانيةُ متأخِّرةٌ في التعامل مع سلاحِ حزبِ الله خوفاً من حربٍ أهلية وتمكينُ الجيشِ اللبناني هو السبيلُ للتفاوض بليونةٍ حول السلاح من دون إشعالِ حربٍ أهلية بحَسَبِ المبعوثِ الأميركي، والخلاصةُ هنا نزعُ السلاحِ وتحوُّلُ حزبِ الله إلى حزبٍ سياسي، وعندها لا مانِعَ من التقاءِ طريقَيْ واشنطن وحارة حريك مباشَرةً أو بالواسِطة . براك متفائل وإن شَعَرَ ببعضِ الإحباط أحياناً وتصعيدُه المدروس تَرافَقَ مع “للصبر حدود” ليرتفعَ “دوز” الضغط عبر التلويحِ بخطرِ وقوعِ لبنان تحت القبضةِ الإقليمية وإلحاقِه “بمتصرفية” بلاد الشام. وفي توضيحٍ على التصريح، قال براك إن تصريحاتي عن خطواتِ سوريا المثيرةِ للإعجاب ليست تهديداً للبنان، فهل اعتَمَد براك ازدواجيةَ المواقف؟ أم أنَّ لبنانَ أساءَ التفسير؟ من بين السطور مَرَّر باراك أمرَ التطبيع بين سوريا وإسرائيل كممرٍّ إلزاميٍّ أمام لبنانَ والعراق، ومنهما سَلَكَت دمشق الطريقَ إلى أذربيجان وبمُلحَقٍ على توقيع مذكِّرِةِ تفاهمٍ بين الرئيسين أحمد الشرعوإلهام علييف، نَقلت وَكالةُ الصِحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي في دمشق أن لقاءً مباشِراً سوف يُعقَدُ بين مسؤولٍ سوريٍّ وآخَرَ إسرائيليٍّ في العاصمة الأذربيجانية باكو. وأمام إعادةِ رسمِ مستقبل المنطقة وإشاراتِ التهديدِ والتصعيد، فإنَّ الرئاساتِ الثلاثَ أَجرَت عمليةَ تدويرٍ لسياسة المحاصَصة، ومن سَلةِ التعيينات سَقَطتِ الآليةُ وبقيتِ المحسوبيةُ بمعاييرِ الطائفية في النيابةِ العامةِ المالية “فَرَقت” مع الرئيس نبيه بري على حرف، وبدل زاهر أتى بماهر وبقيتِ المرجِعيةُ السياسية في عين التينة وفي نيابةِ الحاكمية ارتَدَتِ المُحاصَصةُ لَبُوسَ الآلية ومن خلال “ديل” نواف-بري نالت كلُّ مرجِعيةٍ سياسية حِصتَها باستثناء نائبِ الحاكم الرابع غابي شينوزيان الذي جِيءَ به من خارج “المَلاك” الأرمني، فاحتَجَّت وزيرةُ الشباب والرياضة لعدم اختيارِ شخصٍ يسمِّيهِ المجلسُ الأعلى الأرمني. أما طبخةُ لجنةِ الرقابةِ على المصارف، فاستَوَتْ تحت نارِ إنقاذِ قانونِ إصلاحِ المصارف وإعادةِ تنظيمِها وهيكَلَتِها، وتضارُبُ المصالحِ سيكونُ سيِّدَ النقدِ والتسليف كونُ الأعضاءِ الخمسةِ المعَيَّنين هم مصرِفيون بخلفياتِهم والصورةُ الأوضح في القفزِ فوق الآليةِ كانت بتعيينِ مجلسِ إدارةِ تلفزيون لبنان ما أثار غضَبَ باقي المرشحين “خبصة” التعييناتِ تحت غِطاءِ الآليةِ الوَهمي دَفَعت بعضَ الوزراء للاعتراض وكأنَّ عهداً جديداً لم يبدأ، وحكومةً ما تعَهَّدَت بإصلاحِ ذاتِ البَيْن.
مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت 12.7.25