حال الوطن من حال الوطن. عسكر يقرأ طالع مستقبله بماضي الرفاق على أعمدة الدخان المرتفعة من الإطارات المشتعلة احتجاجا يغلقون الطرقات يصرخون خلف أسوار القصور والمقار طلبا للانصاف فتأتيهم “الإعانة” من جيوبهم إلى جيوبهم بفرض الضرائب على عامة الناس فيما المجالات مفتوحة أمام الدولة لتأمين الزيادات على الرواتب باستيفاء الغرامات من الاعتداءات على الأملاك البحرية ومن إقفال مزاريب الهدر في المؤسسات.
ومن تخمة الموظفين المحسوبين على مراجعهم الحزبية والسياسية هو حراك لمحاربين قدامى في أول أيام شهر الغضب كان إنذارا وعرضا على مشارف سرايا اجتمعت حكومتها لمناقشة موازنة العام المقبل فهل فهمت السلطة لغة العسكر؟
حدث اليوم على طرقات لبنان أن احتجز المواطنون في سياراتهم لساعات بحراك مطلبي وفي مثل هذا اليوم حدثت مجزرة البايجرز ومعها استعاد اللبنانيون لحظات الرعب التي عاشوها إلى أن استوعبوا الصدمة كورق أيلول الأصفر تساقطوا حينها على الطرق.
وفي البيوت والمستشفيات في أبشع جريمة ضد الإنسانية ترتكب بكبسة زر قصمت الظهير المقاوم لحزب الله وشكلت الخرق الأمني الأول ضمن سلسلة الضربات اللاحقة التي تلقاها الحزب وانتهت باغتيال الأمينين العامين.
الجريمة بقيت بلا عقاب والحزب لم يجر مكاشفة صريحة لما حدث في حرب تكنولوجية استهدفت خيرة شبابه لكنها أصابت كل لبناني ينتمي للانسانية قبل الزواريب السياسية والطائفية.
على التقويم الزمني حدثت مجزرة البايجر غداة إحياء ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في السادس عشر من أيلول وبفارق عام أطلق النائب أسامة سعد موقفا وضع فيه الإصبع على الجرح عندما اعتبر ان إقصاء الجبهة عن دورها.
في استكمال معركة التحرير من مقاومة وطنية جامعة إلى مقاومة فئوية خطأ جسيما أدى إلى تطييف ومذهبة المقاومة ما دفع بوفد حزب الله إلى الانسحاب من المناسبة وهو انسحاب “غير تكتيكي” في وقت أحوج ما يكون فيه إلى عدم إحراق جسوره مع بيت صيداوي “ريس” في العمل المقاوم. في وقت يقع فيه لبنان والمنطقة تحت تأثير اعتداءات إسرائيل التي تترجم سياستها التدميرية والتهجيرية في غزة حيث تستمر العملية العسكرية لاحتلال المدينة والتي جاءت كرد “سافر” على قمة الدوحة لتغطي جريمة العدوان على قطر بجريمة أشد فتكا في غزة ولتضع خطة تهجير أهل القطاع موضع التنفيذ ضمن مخطط أوسع يشمل دول الطوق وما بعدها ومن هنا يمكن قراءة ما بين سطور زيارة على لاريجاني أمين مجلس الأمن القومي الإيراني إلى المملكة العربية السعودية ومنها إلى قطر ضمن جولة في دول المنطقة شملت سابقا بغداد وبيروت.