على خَطَّينِ متوازِيَين لم يتقاطعا لحينِه عند نُقطةِ التقاء تسيرُ البلاد خطٌّ أمني بعدوان إسرائيلي متواصل على مُسيّرات اصطادَتِ اليومَ سياراتِ المواطنين من بنت جبيل مروراً ببرعشيت حتى راشيا الوادي والحصيلةُ ثلاثةُ شهداءَ بينهم شقيقانِ وأحدَ عَشَرَ جريحاً وخطٌّ دبلوماسيٌّ مِصري بعَباءة أمنية يحفرُ في بئرِ الأزمة لاستخراجِ مَوادِّ الحلِّ الخام تمهيداً لتصفيتِها من الشوائب وفصلِ المقبول عن اللامقبول وتسويقِها بين طرفَي النزاع لبنان أدَّى فروضَه وسَلَّم ردَّه على المبادرةِ المصرية وحامِلِ لوائها مديرِ الاستخبارات حسن رشاد وتلقَّى الجوابَ باستمرارِ مساعي القاهرة الدبلوماسيةِ لمساعدة لبنان عبر خطٍّ هاتفي وصلَ الخارجيةَ المصرية بالسرايا الحكومية تناول فيه الوزير بدر عبد العاطي ورئيسُ الحكومة نواف سلام تطوراتِ الأوضاع في جنوب لبنان والجهودَ الجارية لخفضِ التصعيد وتغليبِ مسار التهدئة بما يَحفَظُ أمنَ واستقرارَ لبنانَ والمنطقة معَ ثَباتِ الموقفِ المصري الرافضِ للمَساس بسيادة لبنان ووَحدةِ وسلامة أراضيه وهذا الموقفُ المستَخلَصُ من رُوحِ المبادرةِ المصرية يترافَقُ معَ حَراكٍ داخلي للاستثمار فيها وصولاً إلى الهدف المنشود وعلى حدِّ قولِ مصادرَ دبلوماسيةٍ للجديد فإنَّ الأيامَ المقبلة قد تحمِلُ مؤشراتٍ حاسِمة بينما انشغلتِ الأيامُ الفائتة بالكِتابِ الذي وجَّهه حزبُ الله إلى الرؤساءِ الثلاثة ومعهم الشعبُ اللبناني في الظاهر نَفَّذ الحزبُ “انتفاضةَ تِشرين” ووضَعَ الحدَّ للحُكم بلاءاتٍ تتعلقُ بسلاحِه والتفاوضِ وعدمِ الاستسلام والوقوعِ في الأفخاخ وحَسَم خِيارَه برفضِ التنازل تحت الضغط والقارئُ ما بينَ السطور لا يزالُ يَلحَظُ مؤشِّراتٍ وإشاراتٍ بَثَّها مَرصدُ حارة حريك الداخليُّ إلى الفضاء الخارجي لإشراكِ الإيرانيِّ في “الُّلعبة” كطرفٍ أساسي وضُلعٍ رئيسي من أضلاعِ الحلِّ المِصريةِ والفرنسيةِ والأميركيةِ والسعودية وليؤكدَ أنَّ “سِيبة” التفاوضِ لا تَكتملُ من دون طهران وهذه الرسالةُ كما هي موجَّهةٌ إلى الخارج فالداخِلُ ،وتحديداً رئيسَيِ الجمهوريةِ والحكومة، مَعنِيٌّ بها من خلال الانفتاح على إيران والتفاوضِ معها أُسوَةً بما يحصُلُ مع باقي الدول ورَبْطاً بمَجرى التحليل فإنَّ التعاطيَ المِصريَّ الإيجابيَّ معَ موقفِ حزبِ الله قد يكونُ عامِلَ دفعٍ لمبادرتِه وأبعد منه فإنَّ صِلةَ الوصلِ بين الجمهوريةِ الإسلامية والمملكةِ السعودية قائمة وحَبْلَ الوُدِّ بين طهران وواشنطن لم يَنقطعْ وآخِرَ مؤشِّراتِه إعلانُ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب أنَّ فكرةَ رفعِ العقوبات عن إيران واردة ويبقى على الوسيطِ المِصري أن يستفيدَ من أوراقِ القوةِ اللبنانية وعلى رأسها الالتزامُ بوقف إطلاقِ النار والاستعدادُ للتفاوض في مقابلِ لا خُطوةٍ إسرائيلية على مَشارِفِ مرور عام على اتفاقِ تِشرين رَفضت خلالَه الحكومةُ الإسرائيلية خُطةَ الجيشِ اللبناني في سحب السلاح وَسَعَت إلى نقلِ المعركة إلى الداخل اللبناني وضَغطت لوضع الجيشِ في مواجهةٍ معَ حزبِ الله لكنَّ حِكمةَ الجيشِ قيادةً وضُباطاً وأفراداً سَحَبت هذا الفَتيل وشَكَّلت صَمَّامَ أمانٍ وضمانةً للتوافقِ الوطني القائم على التوازنِ السياسي في أي قرارٍ يُبعِدُ الكأسَ المُرَّة عن البلاد ومن أجواءِ تِشرين يبقى أنْ يَرفَعَ ترامب الغِطاءَ عن إسرائيل لوقف حربِها على لبنان على قاعدةِ أنَّ طريقَه نحو السلام لا بد أنْ يمُرَّ ببيروت.
مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 08/11/2025